الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً }

قوله تعالى: { ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ }: يجوز أَنْ يكونَ مفعولاً من أجله، ناصبُه " تُعْرِضَنَّ " وهو مِنْ وَضْعِ المُسَبَّب موضعَ السببِ، وذلك أن الأصل: وإمَّا تُعْرِضَنَّ عنهم لإِعسارِك. وجعله الزمخشريُّ منصوباً بجوابِ الشرطِ، أي: فقل لهم قولاً سهلاً ابتغاء رحمةٍ. وردَّ عليه الشيخ: بأنَّ ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها نحو: " إن يَقُمْ زيدٌ عمراً فاضرِبْ " فإنْ حَذَفْتَ الفاءَ جاز عند سيبويهِ والكسائي نحو: " إنْ يَقُمْ زيدٌ عمراً يَضْرِبْ ". فإن كان الاسمُ مرفوعاً نحو " إن تَقُمْ زيدٌ يَقُمْ " جاز ذلك عند سيبويهِ على أنَّه مرفوعٌ بفعلٍ مقدرٍ يُفَسِّره الظاهرُ بعده، أي: إنْ تَقُمْ يَقُمْ زيدٌ يقمْ. ومنع مِنْ ذلك الفراءُ وشيخُه.

وفي الردِّ نظرٌ؛ لأنه قد ثبت ذلك، لقولِه تعالى:فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ } [الضحى: 9] الآية. لأنَّ " اليتيمَ " وما بعده منصوبان بما بعدَ فاءِ الجوابِ.

الثاني: أنه موضعِ الحالِ مِنْ فاعلِ " تُعْرِضَنَّ ".

قوله: " من ربِّك " يجوز أن يكونَ/ صفة لـ " رحمةٍ " ، وأَنْ يكونَ متعلِّقاً بـ " تَرْجُوها " ، أي: تَرْجُوها مِنْ جهةِ ربِّك، على المجاز.

قوله: " تَرْجُوها " يجوز أن يكونَ حالاً مِنْ فاعلِ " تُعْرِضَنَّ " ، وأَنْ يكونَ صفةً لـ " رحمةٍ ".