قوله تعالى: { أَنكَاثاً }: يجوز فيه وجهان، أظهرُهما: أنه حالٌ مِنْ " غَزْلها ". والأَنْكاث: جمعُ نِكْث بمعنى مَنْكوث، أي: منقوضٌ. والثاني: أنه مفعولٌ ثانٍ لتضمين " نَقَضَتْ " معنى " صَيَّرَتْ ". وجَوَّز الزجاجُ فيه وجهاً ثالثاً وهو: النصبُ على المصدرية؛ لأنَّ معنى نَقَضَتْ: نَكَثَتْ، فهو مُلاقٍ لعاملِه في المعنى. قوله: " تَتَّخذون " يجوز أن تكونَ الجملةُ حالاً من واو " تكونوا " أو من الضمير المستتر في الجارِّ، إذ المعنى: لا تكونوا مُشْبهين كذا حالَ كونِكم متَّخذين. قوله: { دَخَلاً بَيْنَكُمْ } هو المفعولُ الثاني لـ " تَتَّخذون ". والدَّخَل: الفسادُ والدَّغَلُ. وقيل: " دَخَلاً ": مفعولٌ من أجله. وقيل: الدَّخَل: الداخلُ في الشيءِ ليس منه. قوله: { أَن تَكُونَ } ، أي: بسبب أَنْ تكونَ، أو مخافةَ أَنْ تكونَ. و " تكون " يجوزُ أَنْ تكونَ تامةً، فتكون " أمَّةٌ " فاعلَها، وأن تكونَ ناقصةً، فتكون " أمَّةٌ " اسمَها، و " هي " مبتدأ، وأَرْبَى " خبرُه. والجملةُ في محلِّ نصبٍ على الحال، على الوجه الأول، وفي موضعِ الخبرِ على الثاني. وجوَّز الموفيون أن تكونَ " أُمَّةٌ " اسمَها، و " هي " عمادٌ، أي: ضميرُ فَصْلٍ، و " أربَى " خبرُ " تكون " ، والبصريون لا يُجيزون ذلك لأجل تنكيرِ الاسمِ، فلو كان الاسمُ معرفةً لجاز ذلك عندهم. قوله: " به " يجوز أن يعودَ الضميرُ على المصدر المنسبك مِنْ { أَن تَكُونَ } تقديره: إنما يَبْلُوكم الله بكونِ أُمَّة، أي: يختبركم بذلك. وقيل: يعودُ على " الربا " المدلولِ عليه بقولِه { هِيَ أَرْبَى } وقيل: على الكثرة، لأنها في معنى الكثير. قال ابن الأنباري: " لَمَّا كان تأنيثُها غيرَ حقيقي حُمِلَتْ على معنى التذكير، كما حُمِلت الصيحةُ على الصِّياح " ولم يتقدمْ للكثرةِ لفظٌ، وإنما هي مدلولٌ عليها بالمعنى مِنْ قوله { هِيَ أَرْبَى }.