قوله تعالى: { يَتَوَارَىٰ }: يحتمل أن تكونَ مستأنفةً، وأن تكونَ حالاً ممَّا كانت الأُوْلى حالاً منه، إلا [مِنْ] " وجهُه " فإنه لا يليق ذلك به، ويجوز أن تكونَ حالاً من الضمير في " كظيم ". قوله: { مِنَ ٱلْقَوْمِ مِن سُوۤءِ } يُعَلِّق هنا جارَّان بلفظٍ واحدٍ لاختلافِ معناهما؛ فإنَّ الأولى للابتداء، والثانية للعلة، أي: من أجلِ سُوْءِ ما بُشِّر به. قوله { أَيُمْسِكُهُ }. قال أبو البقاء: " في موضع الحال تقديرُه: يَتَوارى متردِّداً. هل يُمْسكه أم لا " ، وهذا خطأٌ عن النَّحْويين؛ لأنهم نَصُّوا على أن الحالَ لا تقع جملةً طلبيةً. والذي يظهر أنَّ هذه الجملةَ الاستفهاميةَ معمولةٌ لشيء محذوفٍ هو حالٌ مِنْ فاعل " يتوارى " المتممِ للكلام، أي: يتوارى ناظراً أو مفكَّراً: أيُمْسِكُه على هُوْن. والعامَّةُ على تذكير الضمائر اعتباراً بلفظ " ما " وقرأ / الجحدريُّ { أَيُمْسِكُها } ، { أَمْ يَدُسُّها } مُراعاةً للأنثى أو لمعنى " ما ". وقُرِئ { أَيُمْسِكُهُ أَمْ يَدُسُّهُ }. والجحدريُّ وعيسى قرآ على " هَوان " بزنة " قَذَالٍ " ، وفرقةٌ على " هَوْنٍ " بفتح الهاء، وهي قَلِقَةٌ هنا؛ لأن " الهَوْن " بالفتح الرِّفقُ واللين، ولا يناسب معناه هنا، وأمَّا " الهَوان " فبمعنى هُوْن المضمومة. قوله: { عَلَىٰ هُونٍ } فيه وجهان، أحدُهما: أنه حالٌ مِنَ الفاعلِ، وهو مَرْوِيٌّ عن ابن عباس فإنه قال: يُمْسِكه مع رضاه بهوانِ وعلى رغمِ أنفِه. والثاني: أنه حالٌ من المفعولِ، أي: يُمْسِكها ذليلةً مُهانةً. والدَّسُّ: إخفاءُ الشيءِ وهو هنا عبارةٌ عن الوَأْد.