الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ }

قوله تعالى: { وَاصِباً }: حالٌ من " الدِّين " العاملُ فيها الاستقرارُ المتضمِّنُ الجارُّ الواقعَ خبراً. والواصِبُ: الدائم، قال حسَّان:
2979- غَيَّرَتْهُ الريحُ تَسْفِي بِهِ   وهَزِيْمٌ رَعْدُهُ واصِبُ
[وقال] أبو الأسود:
2980- لا أبتغيْ الحَمْدَ القليلَ بقاؤُه   يوماً بِذَمِّ الدهرِ أَجْمَعَ واصِبا
والوَصِبُ: العليلُ لمداوَمَةِ السَّقَمِ له. وقيل: مِنَ الوَصَبِ وهو التَّعَبُ، ويكون حينئذٍ على النَّسَب، أي: ذا وَصَبٍ؛ لأن الدينَ فيه تكاليفُ ومَشَاقُّ على العبادِ، فهو كقوله:
2981-............................   ...... أضحى فؤادي به فاتِنا
أي: ذا فُتُوْن, وقيل: الواصِبُ: الخالِصُ.

وقال ابن عطية: والواوُ في قوله: { وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَاوَاتِ } عاطفةٌ على قولِه { إِلـٰهٌ وَاحِدٌ } ، ويجوزُ أن تكونَ واوَ ابتداء ". قال الشيخ: " ولا يُقال واوُ ابتداءٍ إلا لواوِ الحال، ولا تظهر هنا الحالُ ". قلت: وقد يُطْلِقون واوَ الابتداء، ويريدون واوَ الاستئناف، أي: التي لم يُقْصَدْ بها عطفٌ ولا تَشْريكٌ، وقد نصُّوا على ذلك فقالوا: قد يُؤْتَى بالواو أولَ كلامٍ من غير قَصْدٍ إلى عَطفٍ. واسْتَدَلُّوا على ذلك بإتيانهم بها في أولِ قصائدِهم وأشعارِهم، وهو كثيرٌ جداً. ومعنى قولِه " عاطفة على قوله { إِلـٰهٌ وَاحِدٌ } ، أي: أنها عَطَفَتْ جملةً على مفرد، فيجبُ تأويلُها بمفردٍ لأنها عَطَفَتْ على الخبرِ فيكونُ خبراً، ويجوز على كونِها عاطفةً أن تكونَ عاطفةً على الجملة بأسرها، وهي قوله { إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ } وكأنَّ ابنَ عطية قَصَدَ بواوِ الابتداءِ هذا، فإنها استئنافيةٌ.