الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }

قوله تعالى: { ثُمَّ أَوْحَيْنَآ }: قال الزمخشري: " في " ثم " هذه ما فيها مِنْ تعظيم منزلتِهِ وأجلالِ مَحَلَّه، والإِيذانُ بأنَّ أَشْرَفَ ما أُوتي خليلُ الرحمنِ من الكرامةِ وأَجَلَّ ما أُولِيَ من النعمة اتِّباعُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم من قِبَلِ أنها دَلَّتْ على تباعُدِ هذا النعتِ في الرتبةِ منْ بينِ سائرِ النُّعوت التي أثنى اللهُ عليه بها ".

قوله: { أَنِ ٱتَّبِعْ } يجوز أن تكونَ المفسِّرةَ، وأن تكونَ المصدريةَ فتكونَ مع منصوبِها مفعولَ الإِيحاء.

قوله: " حنيفاً " حالٌ، وتقدَّم تحقيقُه في البقرة. وقال ابن عطية: " قال مكي: ولا يكون - يعني حنيفاً - حالاً من " إبراهيم " لأنه مضافٌ إليه، وليس كما قال؛ لأن الحالَ قد تعمل فيها حروفُ الجرِّ إذا عَمِلَتْ في ذي الحال كقولِك " مررتُ بزيدٍ قائماً ". قلت: ما ذكره مكيٌّ من امتناعِ الحال من المضاف إليه فليس على إطلاقه لِما تقدَّم تفصيلُه في البقرة. وأمَّا قولُ ابن عطية: إن العاملَ الخافضُ فليس كذلك، إنما العاملُ ما تعلَّق به الخافضُ، ولذلك إذا حُذِفَ الخافضُ، نُصِبَ مخفوضُه.