الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ }

قوله تعالى: { مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلائِكَةَ } قرأ أبو بكر: " ما نُنَزِّل " بضمِّ التاء وفتحِ النونِ والزايِ مشددةً مبنياً للمفعول، " الملائكةُ " مرفوعاً لقيامِه مَقامَ فاعلِه، وهو موافقٌ لقولِه:وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً } [الفرقان:25]، ولأنها لا تُنَزَّلُ إلا بأمرٍ من الله، فغيرُها هو المُنَزِّل لها وهو الله تعالى.

وقرأ الأخَوان وحفصٌ بضم النون وفتح الثانية وكَسْرِ الزاي مشددةً مبنياً للفاعل المعَظَّم، وهو الباري تعالى، " الملائكةَ " نصباً مفعولاً بها، وهو موافِقٌ لقولِه تعالىوَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ } [الأنعام: 111]، ويناسِبُ قولَه قبل ذلكوَمَآ أَهْلَكْنَا } [الحجر: 4]، وقولُه بعدهإِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا } [الحجر: 9] وما بعده من ألفاظِ التعظيمِ. والباقون من السبعةِ " ما تَنَزَّلُ " بفتح التاء والنون والزايِ/ مشددةً، و " الملائكةُ " مرفوعةً على الفاعلية، والأصل: تَتَنَزَّل بتاءين، فَحُذِفت إحداهما، وقد تقدَّم تقريرُه فيتَذَكَّرُونَ } [الأنعام: 152] ونحوه، وهو موافقٌ لقولِهتَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا } [القدر: 4].

وقرأ زيدُ بنُ عليّ " ما نَزَلَ " مخفَّفاً مبنياً للفاعل، " الملائكة " مرفوعةً بالفاعلية، وهو كقولِهنَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ } [الشعراء: 193].

قوله: { إِلاَّ بِٱلحَقِّ } يجوز تعلٌُّق بالفعلِ قبله، أو بمحذوفٍ على أنه حالٌ مِنَ الفاعلِ أو المفعولِ، أي: ملتبسين بالحق. ودعله الزمخشريُّ نعتاً لمصدر محذوف، أي: تَنَزُّلاً ملتبساً بالحقِّ.

قوله: " إَذَنْ " قال الزمخشري: " إذن " حرفُ جوابٍ وجزاءٍ؛ لأنَّها جوابٌ لهم، وجزاءُ الشرطِ مقدرٌ، تقديرُه: ولو نَزَّلْنا الملائكة ما كانوا مُنْظرين ومات أُخِّر عذابُهم.