قوله تعالى: { لَوَاقِحَ } حالٌ مقدرةٌ من " الرياح ". وفي اللواقح أقوال، أحدها: أنه جمع " مُلْقِح " لأنه مِنْ أَلْقَحَ يُلْقِحُ فهو مُلْقِحٌ، فحقُّه مَلاقِح، فَحُذِفَتِ الميمُ تخفيفاً. يقال: أَلْقَحتِ الريحُ السحابَ، كما يقالُ: ألقح الفحلُ الأنثى. ومثله الطوائح، وأصلُه " المَطاوِح " لأنه مِنْ أطاح يُطيح قال:
2937- لِيُبْكَ يزيدُ ضارعٌ لخصومةٍ
ومُخْتَبِطٌ مِمَّا تُطيح الطَّوائِحُ
وهذا قول أبي عبيدة. والثاني: أنها جمع لاقِح يُقال: لَقِحَتِ الريحُ: إذا حَمَلَتِ الماءَ. وقال الأزهري: " حوامِلُ تحملُ السَِّحابَ كقولك: أَلْقَحَتِ الناقةُ فَلَحِقَتْ، إذا حَمَلَتِ الجنينَ في بطنِها، فشُبِّهَتْ الريحُ بها، ومنه قوله:
2938- إذا لَقِحَتْ حربٌ عَوانٌ مُضِرَّةٌ
ضَروسٌ تَهِرُّ الناسَ أنيابُها عُصْلُ
والثالث: أنها جمعُ " لاقِح " على النَسب كـ لابنِ وتامرِ، أي: ذاتُ لِقاح؛ لأنَّ الريحَ إذا مَرَّتْ على الماء، ثم مَرَّتْ على السحابِ والماءِ كان فيها لِقاحٌ، قاله الفراء. وقد تقدَّم الخلافُ في " معايش " في الأعراف، وفي " يُنَزِّل " ، وفي " الريح " في البقرة. ولم يَبْقَ هنا إلا مَنْ أفردَ " الريح " ، فإنه يُقال: كيف نصبَ الحالَ مجموعةً عن مفردٍ؟ وقد تقدم أن المرادَ به الجنسُ وهو جمعٌ في المعنى فلا محذورَ. قوله: { فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ } يقال: أَسْقاه وسَقاه وسيأتي بيانُهما في السورة بعدها فإنه قُرِئ بهما. واتصل الضميران هنا لاختلافِهما رتبةً، ولو فُصِل ثانيهما لجاز عند غير سيبويه، وهذا كما تقدَّم في قولِه{ أَنُلْزِمُكُمُوهَا } [هود: 28]. قوله: { وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ } جملةٌ مستأنفة و " له " متعلِّقٌ بـ " خازنين ".