قوله تعالى: { سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ }: مبتدأ وخبر في محلِّ نصبٍ على الحال: إمَّا من " المجرمين " ، وإمَّا من " مُقَرَّنين " ، وإمَّا مِنْ ضميره. ويجوز أن تكونَ مستانفةً، وهو الظاهر. والسَّرابيلُ: الثياب. وسَرْبَلْتُه، أي: أَلْبَسْتَه السِّربال. قال:
2920- أَوْدَى بنَعْلَيَّ وسِرْباليَهْ
ويُطلقُ على ما يُحَصَّنُ في الحَرْب، من الدِّرْع وشبهِه، قال تعالى:{ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ } [النحل: 81]. والقَطِران: ما يُسْتَخْرج مِنْ شجرٍ، فيُطبخ وتُطْلَى به الإِبلُ الجُرُبُ لِيَذْهَبَ جَرْبُها بِحِدَّته، وهو أفضلُ الأشياءِ للاشتعال به. وفيه لغاتٌ: قَطِران بفتح/ القاف وكسر الطاء، وهي قراءةُ العامَّة. وقَطْران بزنة سَكْران وبها قرأ عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب. وقال أبو النجم:
2921- لَبَّسَه القَطْرانَ والمُسُوحَا
وقِطْران بكسر القافِ وسكونِ الطاء بزنة سِرْحان، ولم يُقْرأ بها فيما عَلِمْت. وقرأ جماعةٌ كثيرة منهم عليُّ بن أبي طالب وابن عباس وأبو هريرة والحسَن " بَقَطِرٍ " بفتح القافِ وكسرِ الطاءِ وتنوينِ الراء، " آنٍ " بوزن عانٍ، جعلوهما كلمتين, والقَطِر: النحاس، والآني: اسمُ فاعل مِنْ أَنَى يَأْني، أي: تناهى في الحرارةِ كقوله:{ وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ } [الرحمن: 44]، وعن عمرَ رضي الله عنه " ليس بالقَطْران، ولكنه النحاسُ الذي يَصير بلَوْنِه ". وقرىء: " وتَغَشَّى " بتشديدِ الشينِ، أي: وتَتَغشَّى، فحذف إحدى التاءين. وقُرِئ برفعِ " وجوهُهم " ونصبِ " النار " على سبيلِ المجاز، جَعَلَ ورودَ الوجوهِ النارَ غِشْياناً. والجملةُ من قوله " وتَغْشى " قال أبو البقاء: " حالٌ أيضاً " ، يعني أنها معطوفةٌ على الحال، ولا يَعْني أنها حالٌ، والواوُ للحال؛ لأنه مضارعٌ مثبتٌ.