قوله تعالى: { وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـٰكِنِ }: أصلُ " سَكَن " التعدِّي بـ " في " كما في هذه الآيةِ، وقد يتعدَّى بنفسه. قال الزمخشريُّ: " السُّكْنَى مِن السكونِ الذي هو اللُّبْث، وأصلُ تَعَدِّيه بـ " في " كقولك: قَرَّ/ في الدارِ، وأقامَ فيها، وغَنِي فيها، ولكنه لمَّا نُقِل إلى سكونٍ خاص تصَرَّفَ فيه، فقيل: " سَكَنَ الدارَ " كما قيل: تبوَّأَها وأَوْطَنها، ويجوز ان يكونَ مِن السُّكون، اي: قَرُّوا فيها واطمأنُّوا ". قوله: " وتَبَيَّنَ " فاعلُه مضمرٌ لدلالةِ الكلامِ عليه، [أي]: حالُهم وخبرُهم وهلاكُهم. و " كيف " نَصْبٌ بفَعَلْنا، وجملةُ الاستفهامِ ليست معمولةً لـ " تَبَيَّن "؛ لأنه من الأفعال التي لا تُعَلَّق، ولا جائزٌ أن يكونَ " كيف " فاعلاً،؛ لأنها: إمَّا شرطيةٌ أو استفهاميةٌ، وكلاهما لا يعمل فيه ما تقدَّمه، والفاعلُ لا يتقدَّم عندنا. وقال بعض الكوفيين: " إنَّ جملةَ " كيف فَعَلْنا " هو الفاعلُ " ، وهم يُجيزون أن تكونَ الجملةُ فاعلاً، وقد تقدم هذا قريباً في قوله تعالى:{ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ ٱلآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ } [يوسف: 35]. والعامَّةُ على " تَبَيَّن " فعلاً ماضياً. وقرأ عمر لن الخطاب والسُّلَمي في روايةٍ عنه: " ونُبَيِّنَ " بضمِّ النونِ الأولى والثانية، مضارع " بَيَّن " ، وهو خبرُ مبتدأ مضمرٍ، والجملةُ حالٌ، أي: ونحنُ نبيِّن. وقرأ السُّلَميُّ - فيما نقل المهدويُّ - كذلك إلاَّ أنه سَكَّن النونَ للجزمِ نَسَقاً على " تكونوا " ، فيكونُ داخلاً في حيِّز التقدير.