قوله تعالى: { عَلَى ٱلْكِبَرِ }: فيه وجهان، أحدُهما: أنَّ " على " على بابها من الاستعلاءِ المجازيِّ. والثاني: أنها بمعنى مع كقوله:
2901- إنِّي على ما تَرَيْنَ من كِبَري
أعلمُ مِنْ تُؤْكَلُ الكَتِفَ
قاله الزمخشري. ومحلُّ هذا الجارِّ النصبُ على الحالِ من الباء في " هَبْ لي ". قوله: { لَسَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ } فيه أوجه، أحدُها: أن يكون فعيل مثالَ مبالغةٍ مضافاً إلى مفعولِه، وإضافتُه مِنْ نصبٍ، وهذا دليلٌ لسيبويه على أن فَعِيلاً يعملُ عملَ اسمِ الفاعل، وإن كان قد خالف جمهور البصريين والكوفيين. الثاني: انَّ الإِضافةَ ليسَتْ مِنْ نصبٍ، وإنما هو كقولك: " هذا ضاربُ زيدٍ أمس ". الثالث: أنَّ سميعاً مضافٌ لمرفوعه ويُجْعَلُ دعاءُ الله سميعاً على المجاز، والمراد سماع الله، قاله الزمخشري. قال الشيخ: " وهو بعيدٌ لاستلزامِهِ أن يكونَ من الصفة المشبهة والصفةُ متعديةُ، وهذا إنما يتأتَّى على قولِ الفارسيِّ فإنه يُجيز أن تكونَ الصفةُ المشبهة من الفعلِ المتعدِّي بشرطِ أَمْنِ اللَّبْس نحو: " زيد ظالمُ العبيد " إذا عُلِم أن له عبيداً ظالمين، وأمَّا هنا فالَّبْسُ حاصلٌ؛ إذ الظاهرُ أنه من إضافةِ المثالِ للمفعولِ لا للفاعل ". قلت: واللَّبْسُ أيضاً هنا مُنْتَفٍ لأن المعنى على الإِسناد المجازي كما تقرَّر فانتفى اللَّبْسُ.