الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِيۤ أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ لِّتَتْلُوَاْ عَلَيْهِمُ ٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ }

قوله تعالى: { كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ }: الكافُ في محلِّ نصبٍ كنظائرها. قال الزمخشري: " مثلَ ذلك الإِرسالِ أَرْسلناك، يعني: ارسلناك إرسالاً له شأن ". وقيل: الكافُ متعلِّقةٌ بالمعنى الذي في قولهإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ } [الرعد: 27]، أي: " كما أنفذ اللهُ هذا كذلك ارسلناك ". وقال ابن عطية: " الذي يظهر لي أن المعنى: كما أَجْرَيْنا العادةَ بأنَّ الله يُضِلُّ ويَهْدِيْ لا الآياتِ المقترحةَ، فكذلك أيضاً فَعَلنا في هذه الأمَّةِ: أرسَلْناك إليها بوحيٍ لا بآيات مقترحة ".

وقال أبو البقاء: " كذلك " [التقديرُ:] الأمر كذلك فجعلها في موضعِ رفعٍ. وقال الحوفي: " الكافُ للتشبيه في موضع نصب، أي: كفِعْلِنا الهدايةَ والإِضلال ". والإِشارةُ بـ " ذلك " إلى ما وَصَفَ به نفسَه مِنْ أنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يشاء ويَهْدِي مَنِ يشاء.

قوله: { قَدْ خَلَتْ } جملةٌ [في محلِّ جرٍّ صفةً]. و " للتلُوَ " متعلِّقٌ بـ " أَرْسَلْناك ".

قوله: { وَهُمْ يَكْفُرُونَ } يجوز أن تكونَ هذه الجملةُ استئنافيةً وأن تكونَ حاليةً، والضميرُ في " وهم " عائدٌ على " أمة " من حيث المعنى، ولو عاد على لفظِها لكان التركيبُ " وهي تكفر ". وقيل: الضميرُ عائدٌ على " أمَّة " وعلى " أُمَم ". وقيل: على الذين قالوا:لَوْلاَ أُنزِلَ } [الرعد: 27].