الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ }

قوله تعالى: { جَنَّاتُ عَدْنٍ }: يجوز أن يكون بدلاً مِنْ " عقبى " ، وأن يكونَ بياناً، وأن يكونَ خبر مبتدأ مضمر، وأن يكون مبتدأً خبرُه " يَدْخُلونها " وقرأ النخعيُّ " جنةُ " بالإِفراد. وتقدَّم الخلافُ في " يَدْخُلونها ".

والجملةُ مِنْ " يَدْخُلونها " تحتمل الاستئنافَ او الحاليةَ المقدرةَ.

قوله: { وَمَنْ صَلَحَ } يجوز أن يكونَ مرفوعاً عطفاً على الواو، وأغنى الفصلُ بالمفعول عن التأكيد بالضمير المنفصل، وأن يكونَ منصوباً على المفعولِ معه، وهو مرجوحٌ.

وقرأ ابن أبي عبلة " صَلُحَ " بضم اللام، وهي لغةٌ مَرْجوحة.

قوله: { مِنْ آبَائِهِمْ } في محلِّ الحال مِنْ { وَمَنْ صَلَحَ } و " مِنْ " لبيان الجنس. وقرأ عيسى الثقفي " وذُريَّتِهم " بالتوحيد.

قوله: " سلامٌ " الجملةُ محكيَّةٌ بقولٍ مضمر، والقولُ المضمرُ حالٌ مِنْ فاعلِ " يَدْخُلون " ، أي: يَدْخُلون قائلين.

/ قوله: " بما صَبَرتم " متعلِّقٌ بما تعلَّق به " عليكم " ، و " ما " مصدريَّةٌ، أي: بسبب صَبْركم. ولا يتعلَّقُ بـ " سلامٌ " لأنه لا يُفْصَل بين المصدرِ ومعمولِه بالخبر.

قاله أبو البقاء. وقال الزمخشري: " ويجوز أن يتعلَّق بـ " سلام " ، أي: نُسَلِّم عليكم ونُكْرمكم بصبركم " ، ولمَّا نقله عنه الشيخ لم يَعْترض عليه بشيء. والظاهرُ أنه لا يُعْترَض عليه بما تقدَّم؛ لأنَّ ذلك في المصدر المؤول بحرف مصدري، وفعل، وهذا المصدرُ ليس من ذلك. والباءُ: إمَّا سببيَّةٌ كما تقدَّم، وإمَّا بمعنى بَدَل، أي: بَدَلَ صبركم، أي: بما احتملتم مَشاقَّ الصبر. وقيل: " بما صَبَرْتُم " خبرُ مبتدأ مضمرٍ، أي: هذا الثوابُ الجزيل بما صبرتم.

وقرأ الجمهور " فنِعْمَ " بكسرِ النونِ وسكونِ العين، وابن يعمر بالفتحِ والكسر، وقد تقدَّم أنها الأصلُ كقوله:
2538-.......................   نَعِمَ السَّاعُون في القومِ الشُّطُرْ
وابنُ وثاب بالفتح والسكون، وهي تخفيفُ الأصلِ، ولغةُ تميم تسكينُ عينِ فَعِل مطلقاً. والمخصوصُ بالمدحِ محذوفٌ، أي: الجنة.