الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰبَنِيَّ ٱذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ }

قوله تعالى: { فَتَحَسَّسُواْ }: أي: استقصوا خبره بحواسِّكم، ويكون في الخير والشر. وقيل: بالحاء في الخير، وبالجيم في الشر، ولذلك قال هنا " فتحسَّسُوا " ، وفي الحجرات:وَلاَ تَجَسَّسُواْ } [الآية: 12]، وليس كذلك، فإنه قد قرىء بالجيم هنا. وتقدَّم الخلاف في قوله " وَلاَ تَيْأَسُواْ ". وقرأ الأعرج: " تَيْئَسوا ".

والعامَّةُ على " رَوْح اللَّه " بالفتح وهو رحمتُه وتنفيسُه وقرأ الحسن وعمر بن عبد العزيز وقتادة بضم الراء. قال الزمخشري، " أي: مِنْ رحمتِه التي يحيا بها العباد ". وقال ابن عطية: " وكأن معنى هذه القراءة: لا تَيْئَسوا مِنْ حَيٍّ معه رُوح اللَّه الذي وهبه، فإنَّ مَنْ بقي روحُه يُرْجَى، ومِنْ هذا قول الشاعر:
2822 ـ وفي غيرِ مَنْ قدوارَتِ الأرضُ فاطْمَعِ   .....................
ومن هذا قول عبيد بن الأبرص:
2823 ـ وكلُّ ذي غَيْبَةٍ يَؤُوْبُ   وغائبُ الموتِ لا يَؤُوبُ
وقراءة أُبَيّ رحمه اللَّه: { مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ } و { عِنْدِ ٱللَّهِ } { مِن فَضْلِ ٱللَّهِ } تفسيرُ لا تلاوة.

وقال أبو البقاء: " الجمهورُ على فتح الراء، وهو مصدر في معنى الرحمة، إلا أنَّ استعمالَ الفعل منه قليل، وإنما يُسْتَعمل بالزيادة مثل أراح ورَوَّح، ويُقرأ بضم الراء وهي لغةٌ فيه. وقيل: هو اسمُ مصدرٍ مثل الشِّرْب والشُّرْب ".