قوله تعالى: { إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ }: منصوبٌ على نعتِ مصدرٍ محذوف أو على الحال منه، أي: ائتماناً كائتِماني لكم على أخيه، شبَّه ائتِمانَه لهم على هذا بائتمانِه على ذلك. و " من قبلُ " متعلق بـ " أمِنْتُكم ". قوله: { فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً } قرأ الأخَوان وحفص " حافظاً " وفيه وجهان، أظهرهما: أنه تمييز، قال أبو البقاء: " ومثل هذا يجوز إضافته ". قلت: قد قرأ بذلك الأعمش: { فاللَّه خيرُ حافظٍ } ، واللَّه تعالىٰ متَّصِفٌ بأنَّ حِفْظَه يزيد على حِفْظِ غيرِه كقولك: هو أفضل عالم. والثاني: أنه حال، ذكر ذلك الزمخشري وأبو البقاء وغيرُهما. قال الشيخ ـ وقد نقله عن الزمخشري وحده ـ: " وليس بجيد؛ لأنَّ فيه تقييدَ " خير " بهذه الحال ". قلت: ولا محذورَ فإن هذه الحالَ لازمةٌ لأنها مؤكدةٌ لا مبيِّنَة، وليس هذا بأولِ حالٍ وَرَدَتْ لازمةً. وقرأ الباقون " حِفْظاً " ، ولم يُجيزوا فيها غير التمييز؛ لأنهم لو جعلوها حالاً لكانت مِنْ صفةِ ما يَصْدُق عليه " خير " ، ولا يَصْدُق ذلك على ما يَصْدُق عليه " خير "؛ لأن الحِفْظ معنى من المعاني، ومَنْ يَتَأَوَّلْ " زيدٌ عَدْلٌ " على المبالغة، أو على حذف المضاف، أو على وقوعِ المصدرِ موقعَ الوصفِ يُجِزْ في " حِفْظاً " أيضاً الحالية بالتأويلات المذكورة، وفيه تَعَسُّف.