الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ ٱلآنَ حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ }

والخَطْبُ: الأمر والشأن الذي فيه خطرٌ. قال امرؤ القيس:
2802 ـ وما المَرْءُ ما دامَتْ حُشاشَةُ نفسِه   بمُدْرِكِ أَطْرافِ الخُطوبِ ولا آلِ
وهو في الأصلِ مصدرُ خَطَب يَخْطُبُ، وإنما يُخْطب في الأمور العظام.

قوله: { إِذْ رَاوَدتُنَّ } هذا الظرفُ منصوبٌ بقوله " خَطْبُكُنَّ " لأنه في معنى الفعل؛ إذ المعنى: ما فعلتنَّ وما أَرَدْتُنَّ به في ذلك الوقتِ؟

قوله: { ٱلآنَ حَصْحَصَ } " الآن " منصوبٌ بما بعدَه، وحَصْحَصَ معناه تَبيَّنَ وظهر بعدَ خَفَاءٍ، قاله الخليل. قال بعضهم: هو مأخوذٌ مِن الحِصَّة والمعنىٰ: بانَتْ حِصَّةُ الحَقِّ مِنْ حِصَّةِ الباطل كما تتميَّز حِصَصُ الأراضي وغيرِها. وقيل: بمعنى ثبت واستقرَّ. وقال الراغب: " حَصْحَصَ الحقُّ، وذلك بانكشافِ ما يَغْمُره، وحَصَّ وحَصْحَصَ نحو: كَفَّ وكَفْكَفَ وكَبَّ وكَبْكَبَ، وحَصَّه: قَطَعه: إمَّا بالمباشرة وإمَّا بالحكم، فمِنَ الأول قولُ/ الشاعر:
2803 ـ قد حَصَّتِ البيضة رأسي......   ...................
ومنه رَجُلٌ أَحَصُّ: انقطع بعضُ شَعْره، وامرأة حَصَّاءُ، والحِصَّة القطعةُ من الجملة ويُسْتعمل استعمالَ النصيب. وقيل: هو مِنْ " حَصْحَصَ البعير " إذا أَلْقَى ثَفِناتِه للإِناخِةِ، قال الشاعر:
2804 ـ فَحَصْحَصَ في صُمِّ الصَّفَا ثَفِناتِه   وناءَ بسَلْمَىٰ نَوُءَةً ثم صَمَّما