الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ ٱلآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ }

قوله تعالى: { ثُمَّ بَدَا }: في فاعله أربعة أوجه، أحسنها: أنه ضمير يعود على السَّجن بفتح السين أي: ظهر لهم حَبْسُه، ويدل على ذلك لفظة " السِّجن " في قراءة العامة، وهو بطريق اللازم، ولفظُ " السَّجن " في قراءة مَنْ فتح السين. والثاني: أن الفاعل ضمير المصدر المفهوم مِنْ الفعل وهو " بدا " أي: بَدا لهم بداءٌ، وقد صَرَّح الشاعرُ به في قوله:
2793 ـ................   بَدا لك في تلك القَلوص بداءُ
والثالث: أن الفاعلَ مضمرٌ يدلُّ عليه السياق، أي: بدا لهم رأيٌ. والرابع: أنَّ نفسَ الجملة مِنْ " لَيَسْجُنُنَّه " هي الفاعل، وهذا من أصول الكوفيين.

و " حتى " غايةٌ لما قبله. وقوله: " لَيَسْجُنُنَّه " على قول الجمهور جوابٌ لقسم محذوف، وذلك القسمُ وجوابه معمول لقولٍ مضمر، وذلك القولُ المضمر في محلِّ نصب على الحال، أي: ظهر لهم كذا قائلين: واللَّه لَيَسْجُنُنَّه حتى حين.

وقرأ الحسن " لَتَسْجُنُنَّه " بتاء الخطاب، وفيه تأويلان، أحدهما: أن يكونَ خاطب بعضُهم بعضاً بذلك. والثاني: أن يكونَ خوطب به العزيز تعظيماً له.

وقرأ ابن مسعود " عَتَّىٰ " بإبدال حاء " حتى " عيناً وأقرأ بها غيرَه فبلغ ذلك عمرَ بن الخطاب فكتب إليه: " إن هذا القرآن نزل بلغة قريش، فَأَقْرِىء الناسَ بلغتهم ". قلت: وإبدال الحاء عيناً لغة هُذَليَّة.