الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلْغَافِلِينَ }

قوله تعالى: { أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ }: في انتصاب " أحسنَ " وجهان، [أحدهما]: أن يكونَ/ منصوباً على المفعول به، ولكنْ إذا جَعَلْتَ القصصَ مصدراً واقعاً موقعَ المفعولِ كالخَلْق بمعنى المَخْلوق، أو جعَلْتَه فَعَلاً بمعنى مفعول كالقَبَضِ والنَّقَص بمعنى المَنْقُوص والمقبوض، أي: نَقُصُّ عليك أَحْسَنَ الأشياءِ المقتصَّة. والثاني: أن يكونَ منصوباً على المصدرِ المُبَيِّنِ، إذا جَعَلْتَ القصصَ مصدراً غيرَ مرادٍ به المفعولُ، ويكون المقصوصُ على هذا محذوفاً، أي: نَقُصُّ عليك أحسنَ الاقتصاص. و " أَحْسَنَ " يجوز أن تكونَ أفْعَل تفضيلٍ على بابها، وأن تكونَ لمجرَّدِ الوصفِ بالحُسْن، وتكون من بابِ إضافة الصفةِ لموصوفِها، أي: القصص الحسن.

قوله: { بِمَآ أَوْحَيْنَآ } الباءُ سببيةٌ، وهي متعلقةٌ بـ " نَقُصُّ " و " ما " مصدريةٌ، أي: بسبب إيحائنا.

قوله: { هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ } يجوز فيه وجهان، أحدهما: ـ وهو الظاهرُ ـ أن ينتصبَ على المفعولِ به بـ " أَوْحَيْنا ". والثاني: أن تكون المسألةُ من بابِ التنازع، أعني بين " نَقُصُّ " وبين " أَوْحَيْنا " فإنَّ كلاًّ منهما يطلبُ " هذا القرآن " ، وتكونُ المسألةُ من إعمال الثاني، وهذا إنما يتأتَّىٰ على جَعْلِنا " أَحْسَنَ " منصوباً على المصدرِ، ولم نُقَدِّرْ لـ " نَقُصُّ " مفعولاً محذوفاً.

قوله: " وَإِن كُنتَ " إلى آخره تقدَّمه نظيرُه.