الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ }

قوله تعالى: { أَشُدَّهُ }: فيه ثلاثة أقوال، أحدها: ـ وهو قول سيبويه ـ أنه جمعٌ مفردُه " شِدَّة " نحو: نِعْمة وأنْعُم. الثاني: قول الكسائي: أن مفردَه " شَدّ " بزنةِ فَعْل نحو صَكّ وأصُكّ، ويؤيِّده قولُ الشاعر:
2762 ـ عَهْدي به شَدَّ النهارِ كأنما   خُضِبَ البَنانُ ورأسُه بالعِظْلِمِ
/ الثالث: أنه جمعٌ لا واحدَ له من لفظه قاله أبو عبيدة، وخالفه الناسُ في ذلك، إذ قد سمع " شدَّة " و " شَدَ " وهما صالحان له وهو مِن الشَّدِّ وهو الربطُ على الشيء والعقدُ عليه. قال الراغب: " وقولُه تعالىٰ { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ } فيه تنبيهُ أن الإِنسان إذا بلغ هذا القَدْرَ يتقوَّىٰ خُلُقُه الذي هو عليه فلا يكاد يزايله، وما أحسنَ ما تنبَّه له الشاعرُ حيث يقول:
2763 ـ إذا المَرْءُ وافىٰ الأربعينَ ولم يكنْ   له دونَ ما يَهْوىٰ حَياءٌ ولا سِتْرُ
فَدَعْه ولا تَنْفِسْ عليه الذي مضىٰ   وإنْ جَرَّ أسبابَ الحياةِ له العُمْرُ
وقوله: { وَكَذَلِكَ } إمَّا نعتٌ لمصدر محذوف أو حالٌ من ضمير المصدر وتقدَّم نظائره.