قوله تعالى: { أَن تَذْهَبُواْ }: فاعل " يَحْزُنني " ، أي: يَحْزنني ذهابُكم. وفي هذه الآيةِ دلالةٌ على أنَّ المضارعَ المقترن بلام الابتداء لا يكون حالاً، والنحاةُ جَعَلوها مِن القرائن المخصصة للحال، ووجه الدلالة أنَّ " أَنْ تَذْهبوا " مستقبلٌ لاقترانه بحرفِ الاستقبال وهي " أنْ " ، وما في حيزها فاعلٌ، فلو جَعَلْنا " لَيَحْزُنني " حالاً لزم سَبْقُ الفعل لفاعله وهو محالٌ. وأجيب عن ذلك بأنَّ الفاعلَ في الحقيقة مقدرٌ حُذِف هو وقام المضافُ إليه مَقامه، والتقدير: ليحزنني تَوَقُّعُ ذهابِكم. وقرأ زيد بن علي وابن هرمز وابن محيصن: " لَيَحْزُنِّي " بالإِدغام. وقرأ زيد بن علي وحده " تُذْهبوا " بضم التاء مِنْ أذهب، وهو كقوله: { تُنْبُتُ بِٱلدُّهْنِ } [المؤمنون: 20] في قراءة مَنْ ضم التاء فتكون الباءُ زائدةً أو حالية. و " الذئب " يُهْمَز ولا يُهْمز، وبعدم الهمزة قرأ السوسي والكسائي وورش، وفي الوقف لا يهمزه حمزة، قالوا: وهو مشتقٌّ مِنْ " تذاءَبَتِ الرِّيح ": إذا هَبَّتْ مِنْ كل جهة لأنه يأتي كذلك، ويُجْمع على ذِئاب وذُؤبان وأَذْئُب قال:
2752 ـ وأَزْوَرَ يَمْطُو في بلادٍ بعيدةٍ
تَعاوَىٰ به ذُؤْبانه وثعالِبُهْ
وأرضٌ مَذْأَبة: كثيرة الذئاب، وذُؤابة الشعر لتحرُّكِها وتَقَلُّبها، مِنْ ذلك. وقوله: { وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ } جملة حالية العامل فيها " يأكله ".