وقوله تعالى: { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ }: من باب التغليب، يريد أباه وأمَّه ـ أو خالتَه ـ. و " سُجَّداً " حال. قال أبو البقاء: " حالٌ مقدرة؛ لأنَّ السجود يكون بعد الخُرور " وفيه نظرٌ لأنه متصلٌ به غيرُ متراخٍ عنه. قوله: { مِن قَبْلُ } يجوز أنْ يتعلق بـ " رُؤْياي " ، أي: تأويل رُؤْياي في ذلك الوقت. ويجوز أنْ يكونَ العاملُ فيه " تَأْويل " لأنَّ التأويلَ كان مِنْ حينِ وقوعِها هكذا، والآن ظهرَ له، ويجوز أن يكونَ حالاً مِنْ " رُؤْياي " قاله أبو البقاء، وقد تقدم أنَّ المقطوعَ عن الإِضافةِ لا يقع حالاً. قوله: { قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي } حالٌ من " رؤياي " ويجوز أن تكون مستأنفة. وفي " حقاً " وجوه أحدُها: أنه حال. والثاني: أنه مفعولٌ ثان. والثالث: أنه مصدرٌ مؤكد للفعل من حيث المعنى، أي: حَقَّقها ربي حَقَّاً بجَعْلِه. قوله: { أَحْسَنَ بَيۤ } " أَحْسَنَ " أصله أن يتعدَّى بـ " إلى ". قال:{ وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ } [القصص: 77] فقيل: ضُمِّن معنىٰ لَطُف فتعدَّىٰ بالباء كقوله:{ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } [البقرة: 83] وقولِ كثيِّر عَزَّة:
2834 ـ أَسِيْئِي بنا أو أَحْسِني لا مَلُوْمَةً
لَدَيْنَا ولا مَقْلِيَّةً إنْ تَقَلَّتِ
وقيل: بل يَتَعَدَّىٰ بها أيضاً. وقيل: هي بمعنى " إلىٰ ". وقيل: المفعولُ محذوفٌ: " أَحْسَنَ صُنْعَه بي " ، فـ " بي " يتعلَّق بذلك المحذوفِ، وهو تقدير أبي البقاء. وفيه نظر؛ من حيث حَذْفُ المصدرِ وإبقاءُ معموله، وهو ممنوعٌ عند البصريين. و " إذ " منصوبٌ بـ " أَحْسَنَ " أو المصدرِ المحذوف قاله أبو البقاء، وفيه النظر المتقدم. والبَدْوُ: ضد الحضارة وهو مِن الظهور، بدا يبدو: إذا سكن البادية، " إذا بَدَوْنا جَفَوْنا " يُرْوَىٰ عن عمر، أي: تخلَّقْنا بأخلاقِ البدويين. قوله: { لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ } لَطُفَ أصلُه أن يتعدَّى بالباء، وإنما تَعَدَّىٰ باللام لتضمُّنِه معنىٰ مُدَبِّر، أي: أنت مُدَبِّر بلطفك لِما تَشاء.