قوله: { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ }: في " هو " وجهان، أحدهما: أنه ضميرٌ عائدٌ على ما يفْهَمُ من السياقِ، فإنه يُرْوى في الأسباب: أنَّهم قالوا لرسولِ الله صلَّى الله عليه وسلم: صِفْ لنا ربَّك وانْسُبْه. وقيل: قالوا له: أمِنْ نُحاس هو أم مِنْ حديدٍ؟ فنَزَلَتْ. وحينئذٍ يجوزُ أَنْ يكونَ " الله " مبتدأً، و " أَحَدٌ " خبرُه. والجملةُ خبرُ الأولُ. ويجوزُ أَنْ يكونَ " اللَّهُ " بدلاً، و " أحدٌ " الخبرَ. ويجوزُ أَنْ يكونَ " اللَّهُ " خبراً أوَّلَ، و " أحدٌ " خبراً ثانياً. ويجوزُ أَنْ يكونَ " أحدٌ " خبرَ مبتدأ محذوفٍ، أي: هو أحدٌ. والثاني: أنَّه ضميرُ الشأنِ لأنه موضعُ تعظيمٍ، والجلمةُ بعدَه خبرُه مفسِّرِةٌ. وهمزةُ " أحد " بدلٌ من واوٍ، لأنَّه من الوَحْدة، وإبدالُ الهمزةِ من الواوِ المفتوحةِ. وقيل: منه " امرأةٌ أناة " من الوَنىٰ وهو الفُتورُ. وتقدَّم الفرقُ بين " أحد " هذا و " أحد " المرادِ به العمومُ، فإنَّ همزةُ ذاك أصلٌ بنفسِها. ونَقَل أبو البقاءِ أنَّ همزةَ " أحد " هذا غيرُ مقلوبةٍ، بل أصلٌ بنفسِها كالمرادِ به العمومُ، والمعروفُ الأولُ. وفَرَّق ثعلب بين " واحد " وبين " أحد " بأنَّ الواحدَ يدخُلُه العَدُّ والجمعُ والاثنان، و " أحَد " لا يَدْخُلُه ذلك. ويقال: اللَّهُ أحدٌ، ولا يقال: زيدٌ أحدٌ؛ لأنَّ للَّهِ تعالى هذه الخصوصيةَ، وزَيْدٌ له حالاتٌ شتى. ورَدَّ عليه الشيخُ: بأنَّه يُقال: أحد وعشرونَ ونحوه فقد دخلَه العددُ " أنتهى. وقال مكي: " إنَّ أَحَدَاً أصلُه وَأَحَد، فأُبْدِلَتِ الواوُ همزةً فاجتمع ألفان، لأنَّ الهمزةَ تُشْبه الألفَ، فحُذِفَتْ إحداهما تخفيفاً ". وقرأ عبد الله وأُبَيُّ { اللَّهُ أحدٌ } دونَ " قُلْ " وقرأ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم " أحدٌ " بغيرِ " قل هو " وقرأ الأعمش: " قل هو اللَّهُ الواحد ". وقرأ العامَّةُ بتنوين " أحدٌ " وهو الأصلُ. وزيد بن علي وأبان ابن عثمان وابن أبي إسحاق والحسن وأبو السَّمَّال وأبو عمروٍ في روايةٍ في عددٍ كثيرٍ بحذف التنوين لالتقاء الساكنين كقولِه: