الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ }: الموصولُ اسمُ إنَّ، والجملة مِنْ قولِه: { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلجَنَّةِ } خبرها.

والإِخباتُ: الاطمئنان والتذلُّل والتواضع، وأصله من الخَبْت وهو المكانُ المطمئنُّ، أي: المنخفضُ من الأرض، وأَخْبَتَ الرجلُ: دخل في مكان خَبْت، كأَنْجَدَ وأَتْهَمَ إذا دخل في أحد هذين المكانين، ثم تُوُسِّع فيه فقيل: خَبَتَ ذِكْرُه، أي: خمد، ويقال للشيء الدنيء الخبيت، قال الشاعر:
2648 ـ ينفع الطيِّبُ القليلُ من الرِّزْ   قِ ولا يَنْفَعُ الكثير الخبيتُ
هكذا يُنْشدون هذا البيتَ في هذه المادة، الزمخشري وغيره، والظاهر أن يكونَ بالثاءِ المثلثة ولا سيما لمقابلته بالطِّيب، ولكن الظاهر من عبارتهم أنه بالتاء المثنَّاة لأنهم يَسُوقونه في هذه المادة، ويدلُّ على أن معنىٰ البيت إنما هو على الثاء المثلثة قولُ الزمخشري: " وقيل: التاءُ فيه بدل من الثاء ". ومن مجيء الخَبْت بمعنى المكان المطمئن قوله:
2649 ـ أفاطمُ لو شَهِدْتِ ببطنِ خَبْتٍ   ـ وقد قتل الهزبرَ ـ أخاك بشرا
وفي تركيب البيتِ قَلَقٌ، وحَلُّه: لو شهدْتِ أخاك بِشْرا وقد قتل الهزبرَ، ففاعل " قتل " ضمير يعودُ على " أخاك ". وأخبت يتعدىٰ بإلىٰ كهذه الآية، وباللام كقوله تعالى:فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ } [الحج: 54].