الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ }

قوله تعالى: { فَلَعَلَّكَ }: الأحسنُ أن تكونَ على بابها من الترجِّي بالنسبة إلى المخاطب. وقيل: هي للاستفهام كقوله عليه السلام: " لعلنا أعجلناك "

قوله: { وَضَآئِقٌ } نسقٌ على " تارك ". وعَدَلَ عن " ضيّق " وإن كان أكثر من " ضائق " قال الزمخشري: " ليدلَّ على أنه ضيِّق عارضٌ غيرُ ثابت، ومثلُه سَيِّد وجَواد، فإذا أردْتَ الحدوثَ قلت: سائدٌ وجائد ". قال الشيخ: " وليس هذا الحكمُ مختصاً بهذه الألفاظ، بل كلُّ ما بُني من الثلاثي للثبوتِ والاستقرارِ على غير فاعِل رُدَّ إليه إذا أريد به معنى الحدوث تقول: حاسِن وثاقِل وسامِن في حَسُن وثَقُل وسَمُنَ " وأنشد:
2638 ـ بمنزلةٍ أمَا اللئيمُ فسامِنٌ   بها وكرامُ الناسِ بادٍ شُحوبُها
وقيل: إنما عَدَل عن ضيِّق إلى ضائق ليناسب وزن تارك.

والهاءُ في " به " تعود على " بعض ". وقيل: على " ما ". وقيل: على التكذيب. و " صدرُك " فاعل بـ " ضائق ". ويجوز أن يكون " ضائقٌ " خبراً مقدماً، و " صدرك " مبتدأٌ مؤخرٌ، والجملة خبرٌ عن الكاف في " لعلك " ، فيكون قد أخبر بخبرين، أحدهما مفرد، والثاني جملة عُطِفت على مفرد، إذ هي بمعناه، فهو نظير: " إنَّ زيداً قائم وأبوه منطلق " ، أي: إن زيداً أبوه منطلق.

قوله: { أَن يَقُولُواْ } في محلِّ نصبٍ أو جرٍّ على الخلاف المشهور في " أنْ " بعد حَذْف حرف الجر أو المضاف، تقديره: كراهة أو مخافةَ أَنْ يقولوا، أو لئلا يقولوا، أو بأن يقولوا. وقال أبو البقاء: " لأن يقولوا، أي: لأَنْ قالوا، فهو بمعنى الماضي " وهذا لا حاجة إليه، وكيف يُدَّعىٰ ذلك فيه ومعه ما هو نصٍّ في الاستقبال وهو الناصب؟ و " لولا " تحضيضيةٌ، وجملةُ التحضيضِ منصوبةٌ بالقول.