الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ مُوسَىٰ أَتقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَكُمْ أَسِحْرٌ هَـٰذَا وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُونَ }

قوله تعالى: { أَتقُولُونَ }: في معمولِ هذا القولِ وجهان/، أحدهما: أنه مذكورٌ، وهو الجملةُ من قوله: " أسحرٌ هذا " إلى آخره، كأنهم قالوا: أجئتما بالسحر تطلبانِ به الفلاحَ ولا يفلح الساحرون، كقولِ موسى ـ على نبيِّنا وعليه وعلى سائر الأنبياء أفضلُ الصلاة والسلام ـ للسحرة: { مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ }. والثاني: أن معموله محذوفٌ، وهو مدلولٌ عليه بما تقدَّم ذكرُه، وهو: إن هذا لسحرٌ مبين. ومعمولُ القول يُحذف للدلالةِ عليه كثيراً، كما يُحذف نفسُ القولِ كثيراً، ومثلُ الآية في حَذْفِ المقول قولُ الشاعر:
2616 ـ لَنحن الأُلى قُلْتُمْ فأنَّى مُلِئْتُمُ   برؤيتنا قبلَ اهتمامٍ بكمْ رُعْبا
وفي كتاب سيبويه: " متى رأيت أو قلت زيداً منطلقاً " على إعمال الأول، وحَذْفِ معمولِ القول، ويجوز إعمالُ القولِ بمعنى الحكاية به فيقال: " متى رأيت أو قلت زيد منطلق " ، وقيل: القول في الآية بمعنى العَيْب والطعن، والمعنى: أتعيبون الحق وتَطْعنون فيه، وكان مِنْ حَقِّكم تعظيمُه والإِذعانُ له مِنْ قولهم: " فلان يخاف القالة " ، و " بين الناس تقاوُلٌ " ، إذا قال بعضهم لبعض ما يسْوءُه، ونَحْوُ القولِ الذكرُ في قوله:سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ } [الأنبياء: 60] وكلُّ هذا ملخَّصٌّ من كلام الزمخشري.