الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ }

قوله تعالى: { جَعَلَ لَكُمُ ٱلْلَّيْلَ }:... الآية. انظر إلى فصاحة هذه الآية، حيث حَذَفَ من كل جملةٍ ما ثبت في الأخرى، وذلك أنه ذكر علة جَعْل الليل لنا، وهي قوله " لتسكنوا " وحَذَفها مِنْ جَعْل النهار، وذَكَر صفةَ النهار وهي قوله " مُبْصِراً " وحَذَفَها من الليل لدلالة المقابل عليه، والتقدير: هو الذي جَعَل لكم الليل مُظْلماً لتَسْكُنوا فيه والنهارَ مُبْصِراً للتحرَّكوا فيه لمعاشِكم، فحذف " مُظْلماً " لدلالة " مبصراً " عليه، وحذف " لتتحَرَّكوا " لدلالة " لتسكنوا " وهذا أفصحُ كلامٍ.

وقوله: { مُبْصِراً } أسند الإِبصارَ إلى الظرف مجازاً كقولِهم " نهارُه صائم وليله قائم ونائم " قال:
2605 ـ..................   ونِمْتِ وما ليلُ المَطِيِّ بنائمِ
وقال قطرب: " يقال: أَظْلَمَ الليلُ: صار ذا ظلمة، وأضاء النهار: صار ذا ضياء، فيكون هذا من باب النسبِ كقولهم لابن وتامر، وقوله تعالى:عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } [الحاقة: 20]، إلا أن ذلك إنما جاء في الثلاثي، وفي فعَّل بالتضعيف عند بعضِهم في قوله تعالىٰ:وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } [فصلت: 46]، في أحد الأوجه.