الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ }

قوله تعالى: { وَمَا ظَنُّ }: " ما " مبتدأةٌ استفهامية، و " ظنُّ " خبرُها، و " يومَ " منصوبٌ بنفس الظن، والمصدرُ مضافٌ لفاعلِه، ومفعولا الظن محذوفان، والمعنى: وأيُّ شيءٍ يَظُنُّ الذين يَفْترون يومَ القيامة أني فاعلٌ بهم أَأُنجيهم من العذاب أم أنتقمُ منهم؟

وقرأ عيسى بن عمر: " وما ظَنَّ الذين " جَعَلَه فعلاً ماضياً والموصولُ فاعلُه، و " ما " على هذه القراءة استفهاميةٌ أيضاً في محلِّ نصبٍ على المصدرِ، وقُدّمَتْ لأنَّ الاستفهامَ له صدرُ الكلام والتقدير: أيَّ ظنٍ ظنَّ المفترون، و " ما " الاستفهاميةُ قد تَنُوب عن المصدر، ومنه قول الشاعر:
2603 - ماذا يَغيرُ ابنَتْي رَبْعٍ عويلُهما   لا تَرْقُدان ولا بؤسى لمَنْ رَقَدا
وتقول: " ما تَضْرب زيداً " ، تريد: أيَّ ضربٍ تَضْربه. قال الزمخشري: أتىٰ به فعلاً ماضياً، لأنه واقعٌ لا محالةَ، فكأنه قد وقع وانقضىٰ " وهذا لا يستقيمُ هنا لأنه صار نصاً في الاستقبال لعملهِ في الظرف المستقبل وهو يومُ القيامة، وإن كان بلفظ الماضي.