الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ }

قوله تعالى: { مِّن رَّبِّكُمْ }: يجوز أن تكونَ " مِنْ " لابتداء الغاية فتتعلَّقَ حينئذ بـ " جاءَتْكم " ، وابتداءُ الغايةِ مجازٌ، ويجوز أن تكونَ للتبعيضِ فتتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنها صفة لموعظة أي: موعظةٌ كائنةٌ مِنْ مواعظِ ربكم. وقوله: { مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ } من باب ما عُطِف فيه الصفات بعضُها على بعض أي: قد جاءتكم موعظةٌ جامعةٌ لهذه الأشياءِ كلِّها.

و " شِفاء " في الأصلِ مصدرٌ جُعِل وَصْفاً مبالغة، أو هو اسمٌ لما يُشْفَى به أي: يُداوَىٰ، فهو كالدواءِ لما يُداوىٰ. و { لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ } يجوزُ أن يكونَ صفةً لـ " شفاء " فيتعلَّقَ بمحذوف، وأن تكونَ اللامُ زائدةً في المفعول؛ لأن العاملَ فرعٌ إذا قلنا بأنه مصدرٌ. وقوله: " للمؤمنين " محتملٌ لهذين الوجهين وهو من التنازع؛ لأنَّ كلاً من الهدى والرحمة يَطْلبه.