مصدر بَسْمَلَ، أي قال: بسم الله، نحو: حَوْقَلَ وهيْلَلَ وحَمْدَلَ، أي: قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا إله إلا الله، والحمد لله. وهذا شَبيه بباب النحت في النسب، أي إنهم يأخذون اسمَيْن فَيَنْحِتون منهما لفظاً واحداً، فينسِبون إليه كقولهم: حَضْرَميّ وعَبْقَسيّ وعَبْشَميّ نسبةً إلى حَضْرَمَوْت وعبدِ القَيْس وعبدِ شمس. قال:
6ـ وتضحَكُ مني شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّة
كَأَنْ لم تَرَيْ قبلي أسيراً يَمانياً
وهو غيرُ مقيس، فلا جرم أن بعضهم قال في: بَسْمل وهَيْلل إنها لغة مُوَلَّدَة، [قال الماوردي: يقال لمَنْ قال: بسم الله: مُبَسْمِل وهي] لغةٌ مُوَلَّدة وقد جاءَتْ في الشعر، قال عمر بن أبي ربيعة:
7ـ لقد بَسْمَلَتْ ليلى غداةَ لقِيتُها
ألا حَبَّذا ذاكَ الحديثُ المُبَسْمِلُ
وغيرُه من أهلِ اللغةِ نَقَلها ولَم يقُلْ إنها مُوَلَّدَة كـ ثعلب والمطرِّز. وبِسْم: جارٌّ ومجرور، والباء هنا للاستعانة كعَمِلت وبالقَدُوم، لأنَّ المعنى: أقرأ مستعيناً بالله، ولها معانٍ أُخَرُ تقدَّم الوعدُ بذكرها، وهي: الإِلصاقُ حقيقةً أو مجازاً، نحو: مَسَحْتُ برأسي، مررْتُ بزيدٍ، والسببية: [نحو]{ فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ } [النساء: 160]، أي بسببِ ظلمهم، والمصاحبة نحو: خرج زيدٌ بثيابه، أي مصاحباً لها، والبدلُ كقوله عليه السلام: " ما يَسُرُّنِي بها حُمْرُ النَّعَم " أي بدلها، وكقول الآخر:
8ـ فليتَ لي بِهِمُ قوماً إذا ركبوا
شَنُّوا الإِغارةَ فرساناً ورُكْبانا
أي: بَدَلَهم، والقسم: أحلفُ باللهِ لأفعلنَّ، والظرفية نحو: زيد بمكة أي فيها، والتعدية نحو:{ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ } [البقرة: 17]، والتبعيض كقول الشاعر:
9ـ شَرِبْنَ بماءِ البحر ثم ترفَّعَتْ
متى لُجَجٍ خُضْرٍ لهنَّ نَئيجُ
أي من مائه، والمقابلة: " اشتريتهُ بألف " أي: قابلتُه بهذا الثمنِ، والمجاوزة مثلُ قولِه تعالى:{ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ } [الفرقان: 25] أي عن الغمام، ومنهم مَنْ قال: لا تكون كذلك إلا مع السؤال خاصة نحو:{ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً } [الفرقان: 59] أي عنه، وقول علقمة:
10ـ فإنْ تَسْأَلوني بالنساءِ فإنني
خبيرٌ بأَدْواءِ النساء طبيبُ
إذا شابَ رأسُ المرءِ أو قلَّ مالُه
فليس له في وُدِّهِنَّ نَصيبُ
والاستعلاء كقوله تعالى:{ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ } [آل عمران: 75]. والجمهورُ يأبَوْن جَعْلها إلا للإِلصاق أو التعديةِ، ويَرُدُّون جميعَ المواضعِ المذكورةِ إليهما، وليس هذا موضعَ استدلال وانفصال. وقد تُزاد مطَّردةً وغيرَ مطَّردة، فالمطَّردةُ في فاعل " كفى " نحو:{ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ } [النساء: 6]/ أي: كفى اللهُ، بدليل سقوطِها في قول الشاعر:
11ـ................................
كفى الشيبُ والإِسلامُ للمرءِ ناهياً
وفي خبرِ ليس و " ما " أختِها غيرَ موجَبٍ بـ إلاَّ، كقوله تعالى:{ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ [عَبْدَهُ] } [الزمر: 36]،{ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ } [الأنعام: 132] وفي: بحَسْبكِ زيدٌ. وغيرَ مطَّردةٍ في مفعولِ " كفَى " ، كقوله:
12ـ فكفى بنا فَضْلاً على مَنْ غيرُنا
حُبُّ النبيِّ محمدٍ إيانا
أي: كَفانا، وفي البيت كلامٌ آخرُ، وفي المبتدأ غيرَ " حَسْب " ومنه في أحدِ القولين: