الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } * { كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ } * { أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } * { إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } * { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ } * { عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } * { أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } * { أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ } * { أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ } * { كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } * { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } * { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ } * { سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } * { كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب }

{ عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } من البيان والعمل، قال قتادة: العلم نعمة من اللّه، لولا العلم لم يقم دين ولم يصلح عيش { عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } من أنواع الهدى والبيان. وقيل: علّم آدم الأسماء كلّها، وقيل: الإنسان هاهنا محمد صلى الله عليه وسلم بيانهوَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ } [النساء: 113].

{ كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ } ليتجاوز حدّه ويستكبر على ربّه { أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } قال الكلبي: يرتفع من منزلة إلى منزلة في اللباس والطعام وغيرهما، وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: " أعوذ بك من فقر يُنسي ومن غنى يُطغي ".

{ إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } المرجع في الآخرة { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ } { عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } نزلت في أبي جهل - لعنه اللّه - نهى النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الصلاة حتى فرضت عليه.

أخبرنا عبد اللّه بن حامد فقال: أخبرنا أحمد بن عبد اللّه قال: حدّثنا محمد بن عبد اللّه ابن يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال: حدّثنا معمر بن سليمان عن أبيه قال: حدّثنا نعيم بن أبي مهند عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: " قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟

قالوا: نعم، قال: فو الذي يحلف به لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن رقبته.

قال فما [فجأهم] منه إلاّ يتقي بيديه وينكص على عقبيه، قال: فقالوا له: ما ذاك يا أبا الحكم؟ قال: إن بيني وبينه خندقاً من نار وهؤلاً وأجنحة، [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً] " فأنزل اللّه سبحانه { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ * عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ * أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ * أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ * أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ } أبو جهل لعنه اللّه { وَتَوَلَّىٰ * أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ * كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } لنأخذن بمقدم رأسه فَلَنُذِلَّنّهُ، ثم قال على البدل: { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ }.

قال ابن عباس: لمّا نهى أبو جهل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة انتهرهُ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقال أبو جهل: أتُهدّدني؟ فواللّه لأملأن عليك إن شِئت هذا خيلا جرداً أو رجالا مرداً، فأنزل اللّه سبحانه { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ } أي قومه { سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لأخذته الزبانية عياناً ".

{ كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب } وصلّ واقترب من اللّه سبحانه وتعالى.