الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } * { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ } * { ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ } * { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } * { فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } * { إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } * { فَإِذَا فَرَغْتَ فَٱنصَبْ } * { وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرْغَبْ }

{ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } ألمْ نفتح ونوسّع ونليّن لك قلبك بالإيمان والنبوّة والعلم والحكمة.

{ وَوَضَعْنَا } وحططنا { عَنكَ وِزْرَكَ * ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ } أثقل ظهرك فأوهنه، ومنه قيل للبعير إذا كان رجيع سفر قد أوهنه وأنضاه: نقض. وقال الفرّاء: كسر ظهرك حين سمع نقيضه: أي صوته، قال الحسن وقتادة والضحّاك: يعني ما سلف منه في الجاهلية، وقال الحسين بن الفضل: يعني الخطأ والسهو، وقيل: ذنوب أُمتك فأضافها إليه لاشتغال قلبه بها وإهتمامه لها، وقال عبد العزيز بن يحيى وأبو عبيدة: يعني خفّفنا عليك أعباء النبوة والقيام بأمرها، وقيل: وعصمناك عن احتمال الوزر.

{ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } أخبرنا عبد الخالق بقراءتي عليه قال: حدّثنا ابن جنب قال: حدّثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل قال: حدّثنا صفوان يعني ابن صالح الثقفي أبو عبد الملك قال: حدّثنا الوليد يعني ابن مسلم قال: حدّثني عبد الله بن لهيعة، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل جبرائيل عن هذه الآية ورفعنا لك ذكرك، قال: " قال الله سبحانه: إذا ذكرتُ، ذكرتَ معي ".

وحدّثنا أبو سعيد عبد الملك بن أبي عثمان الواعظ قال: حدّثنا إسماعيل بن أحمد الجرجاني قال: أخبرنا عمران بن موسى قال: حدّثنا أبو معمر قال: حدّثنا عباد، عن عوف، عن الحسن في قوله ورفعنا لك ذكرك، قال: إذا ذكرتُ ذكرتَ معي، وقال قتادة: يرفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلاّ ينادي بها: أشهد ان لا إله إلاّ الله، وأن محمداً رسول الله، وقال مجاهد: يعني بالتأذين، وفيه يقول حسان بن ثابت يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:
أغرّ عليه للنبوةِ خاتم   من الله مشهورٌ يلوح ويشهدُ
وضمَّ الإله اسم النبي الى اسمه   إذا قال في الخمس المؤذِّن أشهد
وقال ابن عطاء: يعني جعلت تمام الإيمان بي بذكرك، وقيل: ورفعنا لك ذكرك عند الملائكة في السماء، وقيل: بأخذ ميثاقه على النبيين وإلزامهم الإيمان به والإقرار بفضله، وقال ذو النون: همم الأنبياء تجول حول العرش وهمّة محمد صلى الله عليه وسلم فوق العرش، لذلك قال: { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } ، فذكره ذكره، ومفزع الخلق يوم القيامة إلى محمد صلى الله عليه وسلم كمفزعهم إلى الله، لعلمهم بجاهه عنده.

{ فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } أي مع الشدّة التي أنت فيها من جهاد المشركين، ومزاولة ما أنت بسبيله يسراً ورخاءً بأن يظهرك عليهم، حتى ينقادوا للحق الذي جئتهم به طوعاً وكرها.

{ إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } كرّره لتأكيد الوعد وتعظيم الرجاء، وقيل: فإن مع العسر يسراً: في الدنيا، إن مع العسر يسراً: في الآخرة.

السابقالتالي
2 3 4