الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ } * { إِذِ ٱنبَعَثَ أَشْقَاهَا } * { فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ نَاقَةَ ٱللَّهِ وَسُقْيَاهَا } * { فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا } * { وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا }

{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ } بطغيانها وعداوتها.

وروى عطاء الخراساني عن ابن عبّاس قال: اسم العذاب الذي جاءهم الطغوى، فقال: كذّبت ثموت بعذابها.

وقرأه العامّة بفتح الطاء، وقرأ الحسن وحمّاد بن سلمة بطغواها بضمّ الطاء، وهي لغة كالفتوى والفتُوى والفتيا { إِذِ ٱنبَعَثَ } قام { أَشْقَاهَا } وهو قدار بن سالف عاقر الناقة وكان رجلاً أشقر أزرق قصيراً ملتزق الخلق واسم أُمّه قديرة. أخبرنا محمد بن حمدون قال: أخبرنا مكّي قال: حدّثنا عبد الرحمن قال: حدّثنا سفيان قال: حدّثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن زمعة قال: " ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عاقر الناقة وقال: " انتدب لها رجل ذو عزّ ومنعة في قومه كأبي زمعة " وذكر الحديث.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { نَاقَةَ ٱللَّهِ } إغراء وتحذير، أي احذروا عقر ناقة الله، كقولك: الأسد الأسد.

{ وَسُقْيَاهَا } شربها وسقيها من الماء، فلا تزاحموها فيه، كما قال الله سبحانه:لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } [الشعراء: 155].

{ فَكَذَّبُوهُ } يعني صالحاً (عليه السلام)، { فَعَقَرُوهَا } يعني الناقة { فَدَمْدَمَ } دمّر { عَلَيْهِمْ } وأهلكهم { رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ } بتكذيبهم رسوله وعقرهم ناقته.

{ فَسَوَّاهَا } فسوّى الدمدمة عليهم جميعاً، عمّهم بها، فلم يفلت منهم أحد. وقال المروج: الدمدمة: إهلاك باستئصال، وقال بعض أهل اللغة: الدمدمة: الإدامة. تقول العرب: ناقة مدمومة أي سمينة مملوءة، وقرأ عبد الله بن الزبير (فدهدم عليهم) بالهاء، وهما لغتان، كقولك امتقع لونه واهتقع إذا تغير.

{ وَلاَ يَخَافُ } قرأ أهل الحجاز والشام فلا بالفاء وكذلك هو في مصاحفهم، الباقون بالواو، وهكذا في مصاحفهم { عُقْبَاهَا } عاقبتها.

واختلف العلماء في معنى ذلك، فقال الحسن: يعني ولا يخاف الله من أحد تبعة في إهلاكهم، وهي رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وقال الضحّاك والسدي والكلبي: هو راجع إلى العاقر، وفي الكلام تقديم وتأخير معناه: إذ انبعث أشقاها ولا يخاف عقباها.