الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ أُقْسِمُ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } * { وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } * { وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } * { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِي كَبَدٍ } * { أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ } * { يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً } * { أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ } * { أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ } * { وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ } * { وَهَدَيْنَاهُ ٱلنَّجْدَينِ }

{ لاَ أُقْسِمُ } يعني أقسم { بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } يعني مكّة { وَأَنتَ } يا محمّد { حِلٌّ } حلال { بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } تصنع ما تريد من القتل والأسر، وذلك أنّ الله سبحانه أحلّ لنبيّه صلى الله عليه وسلم مكّة يوم الفتح حتّى قاتل وقتل، وأحلّ ما شاء وحرم ما شاء، وقتل ابن خطل وهو متعلّق بأستار الكعبة، ومقيّس بن صبابة وغيرهما ثمّ قال: " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن " فأحلّ دم ابن خطل وأصحابه وحرّم دار أبي سفيان، ثمّ قال صلى الله عليه وسلم: " إنّ الله حرّم مكّة يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام إلى أن تقوم الساعة، لم تحلّ لأحد قبلي ولا يحلّ لأحد بعدي ولم يحلّ لي إلاّ ساعة من نهار، فلا يعضد شجرها ولا نختلي خلالها ولا نفر صيدها ولا يحلّ لقطتها إلاّ المنشد ".

فقال العبّاس: يا رسول الله إلاّ الأذخر فإنّه لقيوتنا وقتورنا وبيوتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إلاّ الأذخر ".

وقال شرحبيل بن سعد: معنى قوله: { وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } قال: يحرّمون أن تقتلوا بها صيداً أو يعضدوا بها شجرة، ويستحلّون إخراجك وقتلك. { وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } قال عكرمة وسعيد ابن جبير: (الوالد) الذي يولد له (وما ولد) العاقر الذي لا يولد له، وروياه عن ابن عبّاس وعلي، هذا القول تكون ما بقيا، وهو يُعبد ولا تصحّ إلاّ بإضمار. عطية عنه: الوالد وولده. مجاهد وقتادة والضحّاك وأبو صالح: ووالد آدم وما ولد ولده.

وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا برهان بن علي قال: حدّثنا عبد الله بن الوليد العكبري قال: حدّثنا محمد بن موسى الحرشي قال: حدّثنا جعفر بن سليمان قال: سمعت أبا عمران الخولي قرأ " وَوَالِدٌ وَمَا وَلَدَ " قال إبراهيم وما ولد. { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِي كَبَدٍ } أي نصّب. عن الوالبي عن ابن عبّاس الحسن: يكابد مصايب الدنيا وشدائد الآخرة. قتادة: في مشقّة فلا يلقاه إلاّ يكابد أمر الدنيا والآخرة. سعيد بن جبير: في شدّة، وعن الحسن أيضاً: يكابد الشكر على السراء، والصبر على الضرّاء فلا يخلو منهما. عطية عن ابن عبّاس: في شدّة خلق حمله وولادته ورضاعه وفصاله ومعاشه وحياته وموته. عمرو بن دينار عنه: نبات أسنانه. يمان: لم يخلق الله خلقاً يكابد ما يكابد ابن آدم وهو مع ذلك أضعف الخلق، وعن سعيد بن جبير أيضاً في ضيق معيشته. ابن كيسان: المكابدة مقاساة الأمر وركوب معظمه، وأصله الشدّة وهو من الكبد. قال لبيد:
عين هلا بكيت اربد   إذ قمنا وقام الخصوم في كبد
وقال مجاهد وإبراهيم وعكرمة وعبد الله بن شدّاد وعطية والضحّاك: يعني منتصباً قائماً معتدل القامة، وهي رواية مقسم عن ابن عبّاس قال: خلق كلّ شيء يمشي على الأرض على أربعة إلاّ الإنسان، فإنّه خُلق منتصباً قائماً على رجلين.

السابقالتالي
2 3