الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَٰهِيمَ وَأَصْحَـٰبِ مَدْيَنَ وَٱلْمُؤْتَفِكَـٰتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } * { وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

{ أَلَمْ يَأْتِهِمْ } يعني المنافقين والكافرين { نَبَأُ } خبر { ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } حين عصوا رسلنا وخالفوا أمرنا كيف أهلكناهم وعذّبناهم ثم ذكرهم. فقال { قَوْمِ نُوحٍ } بالمعنى بدلا من الذين أهلكوا بالطوفان { وَعَادٍ } أُهلكوا بالريح { وَثَمُودَ } أُهلكوا بالرجفة { وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ } بسلب النعمة وهلاك نمرود { وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ } يعني قوم شعيب بعذاب يوم الظلّة { وَٱلْمُؤْتَفِكَاتِ } المنقلبات التي جعلت عاليها سافلها، وهم قوم لوط { أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ } فكذبوهم وعصوهم كما فعلتم يامعشر الكفّار فاحذروا بتعجيل النقمة { فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ } إلى قوله { بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } في الدين والملة والعون والنصرة والمحبة والرحمة. قال جرير بن عبد الله سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة، والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف، بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة " ، { يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ } بالإيمان والخير { وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } مالا يعرف في شريعة ولا سنّة.

قال أبو العالية كلمّا ذكر الله تعالى في كتابة من الأمر بالمعروف فهو رجوع من الشرك إلى الإسلام، والنهي عن المنكر فهو النهي عن عبادة الاوثان والشيطان { وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ } المفروضة { وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ } إلى قوله { وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً } ومنازل طيبة.

قال الحسن: سألت أبا هريرة وعمران بن حصين عن قول الله { وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ }. قالا: على الخبير سقطت، سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: " قصر في الجنة من لؤلؤ فيه سبعون دار من ياقوتة حمراء، في كل دار سبعون بيتاً من زبرجدة خضراء، في كل بيت سبعون سريراً، على كل سرير سبعون فراشاً، على كل فراش زوجة من الحور العين، وفي كل بيت مائدة وعلى كل مائدة سبعون لوناً من الطعام، وفي كل بيت وصيفة، ويعطى المؤمن من القوة في غداة واحدة مايأتي على ذلك أجمع ".

{ فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ } في بساتين ظلال وإقامة، يقال: عدن بالمكان إذا أقام به، ومنه المعدن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عدن دار الله التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر، لايسكنها غير ثلاثة من النبيّين والصدّيقين والشهداء، يقول الله: طوبى لمن دخلك ".

وقال عبد الله بن مسعود: هي بطنان الجنة أي وسطها، وقال ابن عباس: سألت كعباً عن جنات عدن فقال: هي الكروم والأعناب بالسريانية، وقال عبد الله بن عمر: إنّ في الجنة قصراً يقال له عدن، حوله البروج والمروج، له خمسة آلاف باب، على كل باب (حبرة) لايدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد.

قال الحسن: جنات عدن، وما أدراك ما جنات عدن، قصر من ذهب لايدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حكم عدل، ورفع به صوته.

السابقالتالي
2