الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَمِنْهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ } * { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْخِزْيُ ٱلْعَظِيمُ } * { يَحْذَرُ ٱلْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ ٱسْتَهْزِءُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِٱللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ } * { لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنْكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ } * { ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } * { وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } * { كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ أُوْلَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ }

ثم بين [لمن] الصدقات فقال عز من قال { إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ } لا للمنافقين، واختلف العلماء في صفة الفقر والمسكين.

وقال ابن عباس والحسن وجابر بن زيد والزهري ومجاهد وابن زيد: الفقير: المتعفف عن المسألة، والمسكين: المحتاج السائل، وقال قتادة: الفقير: المؤمن المحتاج [الذي به زمانة] والمسكين: [الذي لا زمانة به]، وقال الضحاك وإبراهيم النخعي: الفقراء فقراء المهاجرين، والمساكين من لم يهاجروا من المسلمين المحتاجين، وروى ابن سلمة عن ابن علية عن ابن سيرين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ليس الفقير الذي لا مال له ولكن الفقير الأخلق الكسب قال ابن علية: الأخلق المحارف عندنا، وقال عكرمة: الفقراء فقراء المسلمين، والمساكين من أهل الكتاب.

وقال أبو بكر العبسي: رأى عمر بن الخطاب ذميماً مكفوفاً مطروحاً على باب المدينة فقال له عمر: مالك؟ قال: استكروني في هذه الجزيرة حتى إذا كف بصري تركوني فليس لي أحد يعود عليّ بشيء، فقال: ما أُنصفت إذاً، فأمر له بقوته وما يصلحه، ثم قال: هذا من الذين قال الله تعالى: { إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ } وهم زمنى أهل الكتاب، وقال ابن عباس: المساكين: (الطوافون)، والفقراء، من المسلمين.

أخبرنا عبد الله بن حامد. أخبرنا محمد بن جعفر. حدّثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد المؤدب. حدّثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن همام بن منبّه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس المسكين هذا الطوَّاف الذي يطوف على الناس تردّه اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، إنما المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يسأل الناس، ولا يفطن له فيتصدق عليه ".

قال الفرّاء: الفقراء أهل الصفة لم يكن لهم عشائر ولا مال، كانوا يلتمسون الفضل ثم يأوون إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمساكين: الطوّافون على الأبواب، وقال عبد الله بن الحسن: المسكين الذي يخشع ويستكين وإن لم يسأل، والفقير الذي يحتمل ويقبل الشيء سراً ولا يخشع وقال [ابن السكيت والقتيبي ويونس] الفقير الذي له البلغة من العيش والمسكين الذي لا شيء له، واحتج بقول الشاعر:
إنّ الفقير الذي كانت حلوبته   وفق العيال فلم يترك له سبد
فجعل له حلوبة وجعلها وقفاً لعياله أي قوتاً لا فضل فيه، يدلّ عليه ماروي عن عبد الرحمن بن أبزي قال: كان ناس من المهاجرين لأحدهم الدار والزوجة والعبد والناقة يحجّ عليها ويغزو فنسبهم الله تعالى إلى أنهم فقراء وجعل لهم سهماً في الزكاة.

وقال محمد بن مسلمة: الفقير الذي له مسكن يسكنه، والخادم إلى [......] لأن ذلك المسكين الذي لا ملك له. قالوا: وكل محتاج إلى شيء فهو مفتقر إليه وإن كان غنياً من غيره، قال الله تعالى:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9