الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ } * { قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ } * { قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ } * { فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ } * { وَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ } * { لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ } * { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } * { وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤْتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَاغِبُونَ }

{ إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ } نصر وغنيمة { تَسُؤْهُمْ } [يعني] بهم المنافقين { وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا } عُذرنا وأخذنا الجزم في القعود وترك الغزو { مِن قَبْلُ } من قبل هذه المصيبة.

{ قُل } لهم يا محمد { لَّن يُصِيبَنَآ } وفي مصحف عبد الله: قل هل يصيبنا، وبه قرأ طلحة ابن مصرف { إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا } في اللوح المحفوظ، ثم قضاه علينا { هُوَ مَوْلاَنَا } وليّنا وناصرنا وحافظنا، وقال الكلبي: هو أولى بنا من أنفسنا في الموت والحياة { وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ * قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ } تنتظرون { بِنَآ } أيها المنافقون { إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ } أما النصر والفتح مع الأجر الكبير، وأمّا القتل والشهادة وفيه الفوز الكبير.

أخبرنا أبو القاسم الحبيبي قال: حدّثنا جعفر بن محمد العدل، حدّثنا أبو عبد الله محمد ابن إبراهيم العبدي، حدّثنا أبو بكر أُمية بن بسطام، أخبرنا يزيد بن بزيع عن بكر بن القاسم عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يضمن الله لمن خرج في سبيله ألاّ يخرج إيماناً بالله وتصديقاً برسوله أن (يرزقه) الشهادة، أو يردّه إلى أهله مغفوراً له مع ما نال من أجر وغنيمة ".

{ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ } إحدى الحسنيين { أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ } فيهلكهم الله كما أهلك الامم الخالية. قال ابن عباس: يعني الصواعق، قال ابن جريج يعني الموت [والعقوبة] بالقتل بأيدينا كما أصاب الامم الخالية من قبلنا { فَتَرَبَّصُوۤاْ } هلاكنا { إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ } وقال الحسن: فتربصوا مواعيد الشيطان إنّا معكم متربّصون مواعيد الله من إظهار دينه واستئصال من خالفه، وكان الشيطان يمنّي لهم بموت النبي (صلى الله عليه وسلم).

{ قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } نزلت في منجد بن قيس حين أستاذن النبي صلى الله عليه وسلم في القعود عن الغزوة، وقال: هذا مالي اُعينك به، وظاهر الآية أمر معناه خبر وجزاء تقديره: إن أنفقتم طوعاً أو كرهاً فليس بمقبول منكم كقول الله عز وجل:وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ } الآية [آل عمران: 159] [النساء: 64] [النور: 62]. قال الشاعر:
أسيئي بنا أو أحسني لا ملامة   لدينا ولا مقلية إن تفلت
{ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ } منافقين { وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ } قرأ نافع وعاصم ويحيى والأعمش وحمزة والكسائي: (أن يقبل) بالياء لنعتهم الفعل، الباقون بالتاء { نَفَقَاتُهُمْ } صدقاتهم { إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ } الاولى في موضع نصب، و«أن» الثانية في محل رفع تقديره: ومامنعهم قبول نفقاتهم إلاّ كفرهم { وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ } مستاؤون لأنهم لا يرجون بأدائها ثواباً، ولايخافون بتركها عقاباً { وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ } لأنهم يتخذونها مغرماً ومنعها مغنماً.

{ فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ } لأن العبد إذا كان من الله تعالى في استدراج [.

السابقالتالي
2 3