الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلأَحْبَارِ وَٱلرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } * { يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ } * { إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ } * { إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوۤءُ أَعْمَالِهِمْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلأَحْبَارِ وَٱلرُّهْبَانِ } يعني العلماء والقرّاء من أهل الكتاب { لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ } أي يأخذون الرشوة في أحكامهم ويحرّفون كتاب الله ويكتبون بأيديهم كتباً يقولون: هذه من عند الله، ويأخذون بها ثمناً قليلاً من سفلتهم، وهي المآكل التي كانوا يصيبونها منهم على تكذيبهم محمد صلى الله عليه وسلم ولو آمنوا به لذهبت عنهم تلك المآكل { وَيَصُدُّونَ } ويصرفون الناس ويمنعونهم { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } دين الله { وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ } يعني ويأكلون أيضاً بالباطل الذين يكنزون الذهب والفضة.

سمعت أبا القاسم الحبيبي يقول: سمعت أبا الحسن المظفر بن محمد بن غالب الهمذاني يقول: سمعت إبراهيم بن محمد بن عرفة الايجي بن نفطويه يقول: سمّي ذهباً لأنه يذهب فلا يبقى، وسمّيت فضة لأنها تنفض أي تتفرق ولا تبقى، وحسبك الأسمان دلالة على فنائهما، والله أعلم فيها.

واختلف العلماء في معنى الكنز: فروى نافع عن ابن عمر قال: كل مال آتى زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين، وكل مال لم يؤدّ زكاته فهو كنز وإن كان فوق الأرض.

ومثله قال ابن عباس والضحاك والسدّي، ويدلّ عليه ماروي عن ابن الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: إذا أخرجت الصدقة من مالك فقد أذهبت شره وليس بكنز.

وقال سعيد بن المسيب: سأل عمر رجلاً عن أرض باعها فقال: [أحسن موضع هذا المال؟ فقال: أين أضعه؟] قال: أُحفر تحت فراش امرأتك. فقال: يا أمير المؤمنين أليس بكنز، قال: ما أدّى زكاته فليس بكنز.

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كل مازاد على أربعة آلاف درهم فهو كنز، أدّيت منه الزكاة أم لم تؤدِّ، ومادونها نفقة.

وقال عن الوليد بن زيد: كل ما فضل من المال عن حاجة صاحبه إليه فهو كنز.

منصور عن عمر بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان قال لما نزلت هذه الآية { وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ } قال النبي صلى الله عليه وسلم: " تبّاً للذهب وتبّاً للفضة " يقولها ثلاثاً: فشقّ ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال المهاجرون: فأي المال نتّخذ؟ فقال عمر: فإنّي أسال النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، قال: فأدركته فقلت: يارسول الله إن المهاجرين قالوا: أي المال نتّخذ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لساناً ذاكراً وقلباً شاكراً وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على دينه " ".

وأخبرنا عبد الله بن حامد الوزان أخبر طليحة بن عبدان، حدّثنا محمد بن يحيى، حدّثنا محمد بن عبدل، حدّثنا الأعمش عن (المعرور) بن سويد " عن أبي ذر قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في قبال الكعبة فلمّا رآني قد أقبلت قال: هم الأخسرون وربّ الكعبة، هم الأخسرون وربّ الكعبة، هم الأخسرون وربّ الكعبة.

قال: فدخلني غمّ وما أقدر أن أتنفس قلت: هذا شيء حدث فيَّ، قلت: مَن هم فداك أبي وأمي؟ قال: المكثرون إلا من مال بالمال في عباد الله هكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله ومن فوقه وبين يديه وعن [..........] كل صفراء وبيضاء أولى عليها صاحبها فهو كنز [..........] من ترك خير الشيء فهي له يوم القيامة ".


السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8