الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } * { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ ذٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } * { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ } قال الضحاك وأبو عبيدة: قذر، وقال ابن الأنباري: خبيث يقال: رجل نجس وامرأة نجس ورجلين وأمرأتان نجس ورجال ونساء نُجُس بفتح النون والجيم أو نجُس بضم الجيم ورجس في هذه الأحوال لايثنّى ولا يجمع لأنّه مصدر، وأما النجس بكسر النون وجزم الجيم فلا يقال إلا إذا قيل معه رجس، فإذا أُفرد قيل: نَجِس بفتح النون وكسر الجيم أو نجُس بضم الجيم.

وقرأ ابن السميقع: إنما المشركون أنجاس، كقولك أخباث على الجمع، واختلفوا في معنى النجس والسبب الذي من أجله سمّاهم بذلك، فروي عن ابن عباس: ما المشركون إلا رجس خنزير أو كلب، وهذا قول غير مرضي لمعنيين أحدهما أنه روي عنه من وجه غير حميد فلا يصح عنه، والآخر أن هذه نجاسة الحكم لا نجاسة العين؛ لأن أعيانهم لو كانت نجسة كالكلب والخنزير لما طهرهم الإسلام، ولا يستوي في النهي عن دخول المشركين المسجد الحرام وغيره من المساجد، واحتج من قال أعيانهم نجسة بما روي أن عمر بن عبد العزيز كتب أن امنعوا اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين، وأتبع نهيه بقول الله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ }.

وكما روي عن الحسن أنه قال: لا تصافحوا المشركين. فمن صافحهم فليتوضّأ، وقال قتادة: سمّاهم نجساً لأنهم يجنبون ولايغتسلون، ويحدثون ولا يتوضؤون، فمنعوا من دخول المسجد لأن الجنب لاينبغي أن يدخل المسجد.

وقال الحسين بن الفضل: هذه نجاسة الحكم لا نجاسة العين فسموا نجساً على الذّم، يدلّ عليها ما روي " أن النبي صلى الله عليه وسلم لقى حذيفة فأخذ صلى الله عليه وسلم بيده، فقال حذيفة: يارسول الله إنّي جنب، فقال: " إن المؤمن لا ينجس " ".

{ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ } قال أهل المعاني: أراد بهذا منعهم من دخول الحرم لأنهم إذا دخلوا الحرم فقد قربوا المسجد الحرام، قال عطاء الحرم كلّه قبلة ومسجد وتلا هذه الآية.

جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الحرم إلا أهل الجزية أو عبد لرجل من المسلمين، ونساؤهم حل لكم، وقرأ: { بعد عامهم هذا } يعني العام الذي حج فيه أبو بكر رضي الله عنه عنه بالناس، ونادى علي كرم الله وجهه ببراءة وهو سنة تسع في الهجرة { وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً } الآية.

قال المفسرون: وكان المشركون يجلبون إلى البيت الطعام ويتّجرون ويتبايعون، فلمّا منعوا من دخول الحرم شقّ ذلك على المسلمين، والقى الشيطان في قلوبهم الخوف وقال لهم: من أين تأكلون وتعيشون وقد بقي المشركون وانقطعت عنهم العير. فقال المؤمنون: يارسول الله قد كنّا نصيب من تجارتهم وبياعاتهم فالآن تنقطع عنّا الأسواق ويملك التجارة، ويذهب ما كنّا نصيب منها من المرافق، فأنزل الله عز وجل { وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً }.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9