الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } * { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } * { بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } * { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } * { صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ }

{ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ }: أي تطهّر من الشرك وقال: لا إله إلاّ الله، هذا قول عطاء وعكرمة ورواية الوالي عن ابن عباس وسعيد بن جبير عنه أيضاً، وقال الحسن: من كان عمله زاكياً، وعن قتادة: عمل صالحاً وورعاً، وعن أبو الأحوص: رضح من ماله وادّى زكاة ماله، وكان ابن مسعود يقول: رحم الله إمرءاً تصدّق ثم صلّى ثم يقرأ هذه الآية، وقال آخرون: هو صدقة الفطر، وروى أبو هارون عن أبي سعيد الخدري، في قوله سبحان: { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } قال: أعطى صدقة الفطر.

{ وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } قال: خرج إلى العيد فصلى.

وروى عبيد الله بن عمر عن نافع قال: كان ابن عمر إذا صلّى الغداة يعني من يوم العيد قال: يا نافع أخرجت الصدقة فإن قلت نعم مضى إلى المصلّى وإن قلت لا قال: فالآن فأخرج، فإنما نزلت هذه الآية في هذا { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ }: وروى مروان بن معاوية عن أبي خالد قال: دخلت على أبي العالية فقال لي: إذا غدوت غداً إلى العيد فمرّ بي، قال: فمررت به فقال: هل طمعت شيئاً؟ قلت: نعم، قال: أفضت على نفسك من الماء، قلت: نعم، قال: فأخبرني ما فعلت زكاتك؟ قلت: قد وجهتها قال: إنما أردتك لهذا ثم قرأ { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ * وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } وقال: إنّ أهل المدينة لا يرون صدقة أفضل منها ومن سقاية الماء، ودليل هذا التأويل ما أخبرني الحسين قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن علي الهمداني قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن إسحاق الأصبهاني قال: حدّثنا حاتم بن يونس الجرجاني قال: حدّثنا دحيم قال: حدّثنا عبد الله بن نافع عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جدّه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } قال: " أخرج زكاة الفطر، وخرج إلى المصلى فصلّى ".

قلت: ولا أدري ما وجه هذا التأويل، لأن هذه السورة مكيّة بالإجماع ولم يكن بمكّة عيد، ولا زكاة فطر والله أعلم.

{ وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ }: أي وذكر ربّه، وقيل: وذكر تسمية ربّه، وقيل: هو تكبير العيد، فصلّى صلاة العيد، وقيل: الصلوات الخمس. يدل عليه ما أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد ابن عبد الله قال: حدّثنا محمد بن عبد الله قال: حدّثنا عباد بن أحمد العمري قال: حدّثنا عمّي محمد بن عبد الرحمن عن أبيه عن عطاء بن السائب عن ابن سابط عن جابر قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } قال: " من شهد أن لا إله إلاّ الله وخلع الأنداد وشهد أني رسول الله " { وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } قال: " هي الصلوات الخمس، والمحافظة عليها حين ينادى بها، والإهتمام بمواقيتها، وقيل: الصلاة ههنا الدعاء ".


السابقالتالي
2