الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ } * { ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ } * { إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ }

{ وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ }.

نزلت في أبي طالب وذلك " لأنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتحفه بخبز ولبن فبينما هو جالس يأكل إذا بخط نجم فامتلأ ماءً ثمّ ناراً ففزع أبو طالب وقال: أي شيء هذا، فقال رسول الله (عليه السلام): " هذا نجم رمي به وهو آية من آيات الله تعالى ".

فعجب أبو طالب، فأنزل الله سبحانه وتعالى { وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ } " ، والمعنى: يعني النجم يظهر ليلا ويخفى نهاراً، أو كل ماجاء ليلا فقد طرق.

ومنه حديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله وقال: " تستعد المغيبة وتمتشط الشعثة " ، وقالت هند بنت عتبة يوم أحد:
نحن بنات طارق   نمشي على النمارق
تريد أن أبانا نجم في شرفه وعلوه.

وأنشدنا أبو القاسم المفسّر قال: أنشدني أبو الحسن محمد بن محمد بن الحسن قال: أنشدني أبو عبد الله محمد بن الرومي قال:
يا راقد الليل مسروراً بأوّله   إنّ الحوادث قد يطرقن أسحاراً
لا تفرحن بليل طاب أوّله   فرب آخر ليل أجج النارا
{ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ } ثم فسره فقال عزّ من قائل: { ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ } أي المضيء المنير، يقول العرب: أثقب نارك أي أضئها. مجاهد: المتوهج، عطا: الثاقب الذي يرمي به الشياطين فيثقبهم: قال ابن زيد: كانت العرب تسمّي الثريا النجم، وقيل: هو زحل سُمي بذلك لإرتفاعه، وتقول العرب للطائر إذا لحق ببطن السماء ارتفاعاً: قد ثقب.

وروى أبو الحوراء عن ابن عباس قال: الطارق: نجم في السماء السابعة لا يسكنها غيره من النجوم، فإذا أخذت النجوم أمكنتها من السماء هبط فكان معها ثم رجع إلى مكانه من السماء السابعة، وهو زحل فهو طارق حين ينزل وطارق حين يصعد.

{ إِن كُلُّ نَفْسٍ } جواب القسم { لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } قرأ الحسن وأبو جعفر وابن عامر وعاصم وحمزة { لَّمَّا } بتشديد الميم، يعنون ما كل نفس إلاّ عليها حافظ، وهي لغة هذيل يقولون: يسديك الله لما قمت، يعنون: إلاّ قمت، وقرأ الآخرون: بالتخفيف جعلوا (ما) صلة مجازه: إنّ كل نفس لعليها حافظ.

أخبرنا محمد بن نعيم قال: أخبرنا الحسن بن أيوب قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز قال: حدّثنا أبو عبيد قال: حدّثنا معاذ عن ابن عون قال: قرأت عند ابن سيرين: (إنّ كلَّ نفس لما) فانكره وقال: سبحان الله سبحان الله فتأويل الآية كلُّ نفس عليها حافظ من ربِّها يحفظ عملها ويُحصي عليها ما يكتسب من خير وشر.

قال ابن عباس: هم الحفظة من الملائكة، وقال قتادة: هم حفظة يحفظون عملك ورزقك وأجلك إذا توفيته يا ابن آدم قبضت إلى ربّك، وقال الكلبي [وحصين]: حافظ من الله يحفظ قولها وفعلها ويحفظ حتى يدفعها ويسلمها إلى المقادير ثم تخلى عنها.

السابقالتالي
2