الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } * { ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } * { فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ }

{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } انشقت { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } تساقطت { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } أي فجر بعضها في بعض عدنها في ملحها وملحها في عدنها فصارت بحراً واحداً، وقال الحسن: ذهب ماؤها، وقال الكلبي: مليت.

{ وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } بحثت ونثرت وأثيرت فاستخرج ما في الأرض من الكنوز ومن فيها من الموتى أحياء، يقال: بعثرت الحوض وبحثرته إذا هدمته فجعلت أسفله أعلاه، وهذا من أشراط الساعة أن تخرج الأرض أفلاذ كبدها من ذهبها وفضّتها وأموالها { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ } من عمل صالح أو طالح.

{ وَأَخَّرَتْ } من سنّة حسنة أو سيئة، وقال عكرمة: ما قدّمت من الفرائض التي أدّتها واخّرت من الفرائض التي ضيّعتها، وقيل: ما قدمت من الأعمال وأخّرت من المظالم، وقيل: ما قدّمت من الصدقات وأخرّت من التركات، وقيل ما قدّمت من الاسقاط والإفراط وما أخرت من الأولاد وهذا جواب إذا.

{ يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ }.

أخبرنا عبد الله الفتحوي قال: حدّثنا أبو علي المقريء قال: حدّثنا أبو القاسم ابن الفضل المقريء قال: حدّثنا علي بن الحسين قال: حدّثنا المقدّمي وعلي بن هاشم قالا: حدّثنا كثير بن هشام قال: حدّثنا جعفر بن برقان قال: حدّثني صالح بن مسمار قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية: { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } قال: جهله، وقال قتادة: غرّة شيطانه عدوه المسّلط عليه.

وحدّثني الحسن بن محمد بن الحسن قال: حدّثني أبي عن جدّي عن علي بن الحسن الهلالي عن إبراهيم بن الأشعث قال: قيل للفضّيل بن عياض: لو أقامك الله سبحانه وتعالى يوم القيامة بين يديه فقال: ما غرّك بربّك الكريم ماذا كنت تقول؟ قال: أقول غرني ستورك المرخاة، نظمه محمد ابن السماك فقال:
يا كاتم الذنب أما تستحي   الله في الخلوة ثانيكا
غرك من ربّك إمهاله   وستره طول مساويكا
وقال: مقاتل: غرّه عفو الله حين لم يعجّل عليه بالعقوبة، وتلا [نصر] بن مغلس هذه الآية فقال: غرّه رفق الله به.

وسمعت أبا القاسم الحلبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت علي بن محمد الورّاق يقول: سمعت يحيى بن معاذ يقول: لو أقامني الله سبحانه بين يديه فقال: ما غرّك بي؟ قلت: غرّني بك برّك بي سابقاً وآنفاً.

وسمعته يقول: أخبرنا عبد الله بن محمد بن صالح المغافري يقول: سمعت حماد بن بكر يحكي عن بعضهم أنه قال: لو سألني عن هذا ربي لقلت: غرّني حلمك، وسمعته يقول: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن يزيد النسقي يقول: سمعت أبا عبد الله حسن أبي بكر الورّاق يقول: سمعت أبا بكر الورّاق يقول: لو قال لي ما غرّك بربّك الكريم لقلت: غرّني كرم الكريم.

السابقالتالي
2