الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ كُشِطَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجَحِيمُ سُعِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ } * { فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلْخُنَّسِ } * { ٱلْجَوَارِ ٱلْكُنَّسِ } * { وَٱللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ } * { وَٱلصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } * { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } * { ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ } * { مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ } * { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } * { وَلَقَدْ رَآهُ بِٱلأُفُقِ ٱلْمُبِينِ } * { وَمَا هُوَ عَلَى ٱلْغَيْبِ بِضَنِينٍ } * { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } * { فَأيْنَ تَذْهَبُونَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } * { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ } * { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ }

{ وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ كُشِطَتْ } أي فعلت ونزعت وجذبت عن أماكنها ثم طويت، وفي قراءة عبد الله: قشطت بالقاف وهما لغتان، والقاف والكاف في كلام العرب يتعاقبان مخرجيهما كما يقال: الكافور والقافور والقف والكُف.

{ وَإِذَا ٱلْجَحِيمُ سُعِّرَتْ } قرأ أهل المدينة بالتشديد غيرهم بالتخفيف واختاره أبو عبيد وأبو حاتم، لأنها واحدة واختلف فيه بن عاصم وبن عامر، ومعناه: أوقدت، قال قتادة: سعّرها غضب الله وخطايا بني آدم.

{ وَإِذَا ٱلْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } قرّبت لأهلها نظيرها قوله:وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ } [الشعراء: 90] { عَلِمَتْ } عند ذلك { نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ } من خير أو شرّ وهو جواب لقوله: { إِذَا ٱلشَّمْسُ } وما بعدها كما يقال: إذا قام زيد قعد عمر، وقال ابن عباس في قوله: { إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } إلى قوله: { عَلِمَتْ }: اثنتا عشرة خصلة ستة في الدنيا وستة في الآخرة.

{ فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلْخُنَّسِ * ٱلْجَوَارِ ٱلْكُنَّسِ } قال قوم: هي النجوم الخمسة الذراري السيارة تخنس في مجارتها فترجع ورائها ويكنس في وقت اختفائها غروبها كما يكنس الظباء في مغارها، وقال قتادة: هي النجوم تبدوا بالليل وتخفى بالنهار فلا تُرى ودليل هذا التأويل ما روى شعبة عن سماك عن خالد بن عرعرة أن رجلا من مراد قال لعلي: ما الخنس الجوار الكنس؟ قال: هي الكواكب تخنس بالنهار فلا تُرى وتكنس بالليل فتأوي إلى مجاريها، وهي بهرام وزحل وعطارد والزهرة والمشتري، قال ابن زيد: معنى الخنس: أنها تخنس أي تتأخر عن مطالعها كل سنة لها في كل عام تأخر يتأخره عن تعجيل ذلك الطلوع يخنس عنه والكنس يكنسن بالنهار فلا تُرى.

وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن النواب قال: حدّثنا رضوان بن أحمد بن عبد الجبار قال: حدّثنا أبو معونة عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله في قوله سبحانه: { ٱلْجَوَارِ ٱلْكُنَّسِ } قال: هي بقر الوحش، وإليه ذهب إبراهيم وجابر بن زيد وقال سعيد بن جبير: هي الظباء وهي رواية العوفي عن ابن عباس.

وأصل الخنس الرجوع إلى وراء، والكنوس أن يأوي إلى مكانسها، وهي المواضع التي يأوي إليها الوحش قال الأعشى:
فلما لحقنا الحي أتلع أنس   كما أتلعت تحت المكانس ربرب
ويقال لها الكنايس أيضاً، قال طرفه بن العبد:
كأن كناسي ضالة يكنفانها   وأطرقسي تحت صلب مؤيد
وقال أوس بن حجر:
ألم تر أن الله أنزل مزنه   وعفر الظباء في الكناس تقمع
{ وَٱللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ } قال الحسن: أقبل بظلامه، وقال الآخرون: أدبر، يقول العرب: عسعس الليل وسعسع إذا أدبر ولم يبق منه إلاّ اليسير، قال علقمة بن فرط:
حتى إذا الصبح لها تنفسا   وانجاب عنها ليلها وعسعسّا
وقال رؤبة:
يا هند ما أسرع ما تسعسعا   من بعد أن كان فتى سرعرعا
من بعد إن كان فتى سرّعرعا.

{ وَٱلصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } أقبل وأضاء وبدأ أوله وقيل: أمتد وارتفع.

السابقالتالي
2 3