{ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ } قال ابن عباس: كفعل آل فرعون، وقال الضحاك: كصنيعهم، وقال مجاهد، وعطاء: كسنّتهم، وقال يمان: كمثلهم يعني أن أهل بدر فعلوا كفعل آل فرعون من الكفر والذنوب، ففعل الله بهم كما فعل بآل فرعون من الهلاك والعذاب، وقال الكسائي: كما أن آل فرعون جحدوا كما جحدتم وكفروا كما كفرتم. قال الاخفش، والمؤرخ، وأبو عبيدة: كعادة آل فرعون. { وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ } فعاقبهم الله { بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ * ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }. قال الكلبي: يعني أهل مكة، أطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف، وبعث إليهم محمداً (عليه السلام) فغيّروا نعم الله، وتغييرها أن كفروا بها وتركوا شكرها، وقال السدّي: نعمة الله محمد صلى الله عليه وسلم أنعم به على قريش فكذبوه وكفروا به فنقله إلى الأنصار. { وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } من كفار الامم { كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ } بعضاً بالرجفة وبعضاً بالخسف وبعضاً بالمسخ وبعضاً بالحصى وبعضاً بالماء، فكذلك أهلكنا كفار مكة بالسيف والذل { وَأَغْرَقْنَآ آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ } الآية { ٱلَّذِينَ عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ }. سمعت أبا القاسم بن حبيب، سمعت أبا بكر عبدش يقول: من هاهنا صلة الذين عاهدتهم، وسمعته يقول سمعت المنهل بن محمد بن محمد بن الاشعث يقول: دخلت بين لأن المعنى: الذين أخذت منهم العهد، وقيل: عاهدت منهم أي معهم { ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ } وهم بنو قريظة، نقظوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعانوا مشركي مكة بالسلاح على قبال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ثم قالوا: نسينا وأخطأنا، ثم عاهدهم الثانية فنقضوا العهد ومالوا إلى الكفار على رسول الله يوم الخندق، وكتب كعب بن الاشرف إلى مكة يوافقهم على مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ } لا يخافون الله في نقض العهد. { فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ } ترينّهم وتجدنّهم { فِي ٱلْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ } قال ابن عباس: فنكّل بهم من ورائهم، وقال قتادة: عِظ بهم مَنْ سواهم من الناس، وقال سعيد بن جبير: أنذر بهم مَنْ خلفهم، وقال ابن زيد: أخفهم بهم. وقيل: فرَّق جمع كل ناقض مما بلغ من هؤلاء، وقال عطاء: أثخن فيهم القتل حتى يخافك غيرهم من أهل مكة وأهل اليمن، وقال ابن كيسان: اقتلهم فلا من يهرب عنك مَن بعدهم. وقال القتيبي: سمِّع بهم، وأنشد:
أُطوّف في الاباطح كل يوم
مخافة أن يشردّ بي حكيمُ
وأصل التشريد: التطريد والتفريق والتبديد، وقرأ أبن مسعود (وشرّذ) بالذال معجم وهو واحد.