الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } * { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } * { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَمَا كَانُوۤاْ أَوْلِيَآءَهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ ٱلْمُتَّقُونَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ ٱلْبَيْتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ }

{ وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ } الآية نزلت أيضاً في النضر بن الحرث بن علقمة بن كندة من بني عبد الدار.

قال ابن عباس: لمّا قصّ رسول الله صلى الله عليه وسلم شأن القرون الماضية، قال النضر: لو شئت لقلت مثل هذا إنْ هذا إلاّ أساطير الأوّلين في كتبهم.

فقال عثمان بن مظعون: اتق الله فإن محمداً يقول الحق. قال: فأنا أقول الحق. قال: فإن محمداً يقول: لا إله إلاّ الله. قال: فأنا أقول لا إله إلاّ الله. ولكن هذه شأن الله يعني الاصنام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلمقُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ } [الزخرف: 81] قال النضر: ألا تَرون أن محمداً قد صدقني فيما أقول يعني قولهإِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ } [الزخرف: 81].

قال له المغيرة بن الوليد: والله ما صدّقك ولكنه يقول ما كان للرحمن ولد.

ففطن لذلك النضر فقال: اللّهمّ إن كان هذا هو الحق من عندك.

{ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ } { هُوَ } عماداً وتوكيد وصلة في الكلام، و { ٱلْحَقَّ } نصب بخبر كان { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } كما أمطرتها على قوم لوط.

قال أبو عبيدة: ما كان من العذاب. يقال: فينا مطر ومن الرحمة مطر { أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي بنفس ما عذبت به الأُمم وفيه نزل:سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } [المعارج: 1].

قال عطاء: لقد نزل في النضر بضعة عشرة آية من كتاب الله فحاق به ما سأل من العذاب يوم بدر.

قال سعيد بن جبير: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: " ثلاثة صبروا منكم من قريش المطعم بن عدي. وعقبة بن أبي معيط. والنضر بن الحرث ".

" وكان النضر أسير المقداد فلمّا أمر بقتله قال المقداد: أسيري يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنّه كان يقول في كتاب الله ما يقول " قال المقداد: أسيري يا رسول الله، قالها ثلاث مرّات. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثالثة: " اللّهمّ اغن المقداد من فضلك ".

فقال المقداد: هذا الذي أردت ".

{ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } اختلفوا في معنى هذه الآية فقال محمد بن إسحاق بن يسار: هذه حكاية عن المشركين، إنهم قالوها وهي متصلة بالآية الأُولى، [وقيل]: إن المشركين كانوا يقولون: والله إن الله لا يعذبنا ونحن نستغفر ولا يعذب أُمة ونبيّها معهم، وذلك من قولهم ورسول الله بين أظهرهم، فقال الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم يذكر له جهالتهم وغرتهم واستفتاحهم على أنفسهم إذ قالوا { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ } وقالوا: { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ثمّ قال ردّا عليهم { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ } وإن كنت بين أظهرهم أن كانوا يستغفرون { وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ }.

السابقالتالي
2 3