الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلنَّازِعَاتِ غَرْقاً } * { وَٱلنَّاشِطَاتِ نَشْطاً } * { وَٱلسَّابِحَاتِ سَبْحاً } * { فَٱلسَّابِقَاتِ سَبْقاً } * { فَٱلْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً } * { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ } * { تَتْبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ } * { قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } * { أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ } * { يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي ٱلْحَافِرَةِ } * { أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً } * { قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ } * { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ } * { فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ }

{ وَٱلنَّازِعَاتِ غَرْقاً } قال مسروق: هي الملائكة التي تنزع نفوس بني آدم، وهي رواية أبي صالح وعطية عن ابن عباس، قال أمير المؤمنين علي كرّم الله وجهه: هي الملائكة تنزع أرواح الكافر والكفرة، وقال ابن مسعود: يريد أنفس الكفّار ينزعها ملك الموت من أجسادهم من تحت كلّ شعرة ومن تحت الأظافير وأصول القدمين ثم يفرّقها ويرّددها في جسده بعد ما تنزع حتى إذا كادت تخرج ردّها في جسده فهذا عمله بالكفار، وقال مقاتل: هم [ملك الموت] وأعوانه ينزعون روح الكافر كما ينزع السّفود الكثير الشعب من الصوف المبتل فتخرج نفسه كالغريق في الماء.

سعيد بن جبير: نزعت أرواحهم ثم غرّقت ثم حرّقت ثم قذف بها في النار، وقال مجاهد هو الموت ينزع النفوس، السندي: هي النفس حين تغرق في الصدر، وقيل: يرى الكافر نفسه في وقت النزع كأنه يغرق، الحسن وقتادة وابن كيسان وأبو عبيدة والأخفش: هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق تطلع ثم تغيب، عطاء وعكرمة: هي القسيّ، وقيل: الغزاة، الرماة، ومجاز الآية: والنازعات إغراقاً كما يغرق النازع في القوس إذا بلغ بها غاية المد [...] الذي عند النصل الملفوف عليه، ويقال لقشرة البيضة الداخلة غرقي، وأراد بالإغراق المبالغة في النزع وهو سابغ في جميع وجوه تأويلها.

{ وَٱلنَّاشِطَاتِ نَشْطاً } قال ابن عباس: يعني الملائكة تنشط نفس المؤمن فتقبضها كما ينشط العقال من يد البعير إذا حلّ عنها وحكى الفرّاء هذا القول ثم قال: والذي سمعت من العرب أن يقولوا: أنشطت، وكأنما أنشط من عقال، وربطها نشطاً، والرابط: الناشط، وإذا ربطت الحبل في يد البعير فقد نشطته وأنت ناشط، وإذا حللته فقد أنشطته وأنت منشط.

وعن ابن عباس أيضاً: هي أنفس المؤمنين عند الموت، ينشط للخروج وذلك أنه ليس من مؤمن يحضره الموت إلاّ عرضت عليه الجنّة قبل أن يموت فيرى فيها أشباهاً من أهله وأزواجه من الحور العين فهم يدعونه إليها، فنفسه إليهم نشيطة ان تخرج فتأتيهم، وقال علي ابن أبي طالب: هي الملائكة تنشط أرواح الكفار ما بين الجلد والأظفار حتى تخرجها من أجوافها بالكرب والغمّ، وقال مجاهد: هو الموت ينشط نفس الإنسان، وقال السندي: حين ينشط من القدمين، عكرمة وعطا: هي الأدهان، قتادة والأخفش: هي النجوم تنشط من أفق إلى أُفق، أي تذهب، يقال: حمارنا ناشط ينشط من بلد إلى بلد أي يذهب، ويقال لبقر الوحش نواشط، لأنها تذهب من موضع إلى موضع. قال الطرماح:
وهل بحليف الخيل ممّن عهدته   به غير أحدان النواشط روّع
والهموم تنشط بصاحبها، قال هميان بن قحافة:
أمست همومي تنشط المناشطا   الشام بي طوراً وطوراً واسطّا
وقال الخليل: النشط والإنشاط مدّك شيئاً إلى نفسك حتى تنحّل.

السابقالتالي
2 3 4