الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً } * { حَدَآئِقَ وَأَعْنَاباً } * { وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً } * { وَكَأْساً دِهَاقاً } * { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذَّاباً } * { جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَاباً } * { رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلرَّحْمَـٰنِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً } * { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً } * { ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآباً } * { إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ ٱلْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً }

{ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً } فوزاً ونجاة من النار الى الجنة، وقال ابن عباس والضحاك: متنزّهاً. { حَدَآئِقَ وَأَعْنَاباً * وَكَوَاعِبَ } نواهد قد تكعبت ثديهنّ واحدتها كاعب، قال بشر بن أبي حازم:
[وكم من حصان قد حوينا كريمة]   ومن كاعب لم تدر ما البؤس معصر
{ أَتْرَاباً } مستويات في السنّ { وَكَأْساً دِهَاقاً } قال الحسن وابن عباس وقتادة وابن زيد: مترعة مملوة، وقال سعيد بن جبير ومجاهد: متتابعة { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذَّاباً } تكذيباً وهي قراءة العامة، وخفّفه الكسائي وهي قراءة أمير المؤمنين علي كرّم الله وجهه، وهما مصدران للتكذيب.

وقال قوم: الكذاب بالتخفيف مصّدر الكاذبة وقيل: هو الكذب، قال الأعشى:
فصدقتها وكذبتها   والمرء تنفعه كذابه
وإنّما خففها هنا لأنها ليست بمقيّدة بفعل يصيّرها مصدراً له، وشدد قوله: { وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً } لأن كذبوا يقيد الكذاب بالمصدر.

{ جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَاباً } كثيراً كافياً وافياً يقال: أحسبت فلاناً أي أعطيته ما يكفيه حتى قال: حسبي. قال الشاعر:
ونقفي وليد الحيّ إن كان جائعاً   ونحسبه إن كان ليس بجائع
أي يعطيه حتى يقول حسبّي.

وقيل: جزاء بقدر أعمالهم وقرأ أبو هاشم { عَطَآءً حِسَاباً } بفتح الحاء وتشديد السين على وزن فعّال أي كفافاً. قال الأصمعي: تقول العرب حسّبت الرجل بالتشديد إذا أكرمته، وأنشد:
إذا أتاه ضيفه يحسُّبه   من حاقن أو من صريح يُحلبُه
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن حبيش قال: حدّثنا الطُهراني قال: أخبرنا يحيى بن الفضل قال: حدّثنا وهب بن عمر قال: أخبرنا هارون بن موسى عن حنظلة عن شهر عن ابن عباس أنه قرأ (عطاء حسناً) بالنون.

{ رَّبِّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلرَّحْمَـٰنِ } قرأ ابن مسعود والأشهب وأبو جعفر وشيبة ونافع وأبو عمرو سلام ويعقوب برفع الباء والنون، وقرأ ابن عامر وعيسى وعاصم كلاهما خفضاً واختاره أبو حاتم، وقرأ ابن كثير ومحيض ويحيى وحمزة والكسائي { رَّبِّ } خفضاً و { ٱلرَّحْمَـٰنِ } رفعاً، واختاره أبو عبيد، وقال: هذه أعدلها عندي أن يخفض الأوّل منهما لقربه من قوله: { جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ } فتكون نعتاً له ونرفع { ٱلرَّحْمَـٰنِ } لبعده منه.

{ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً } كلاماً وقال الكلبي: شفاعة إلاّ بإذنه.

{ يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ } اختلفوا فيه، فأخبرنا ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن خُرجة قال: حدّثنا عبد الله بن العباس الطيالسي قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا إبراهيم ابن طهمان عن مسلم الأعور عن مجاهد عن ابن عباس قال: " أتى نفر من اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أخبرنا عن الروح ما هو؟ قال: " هو جند من جند الله ليسوا بملائكة، لهم رؤوس وأيد وأرجل يأكلون الطعام ثم قرأ { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً } الآية، قال: هؤلاء جند وهؤلاء جند ".


السابقالتالي
2 3