{ يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ } قال قتادة: بما فرض الله سبحانه عليهم من الصلاة والزكاة والحج والعمرة وغيرها من الواجبات، وقال مجاهد وعكرمة: يعني إذا بدروا في طاعة الله وفوا به. { وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً } ممتداً قاسيا يقال استطار الصدع في الزجاجة واستطال إذا امتد، ومنه قول الأعشى:
وبانت وقد أُسأرت في الفؤاد
صدعاً على نأيها مستطيراً
{ وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ } قال ابن عباس: على قلّته وحسبهم أياه وشهوتهم له، وقال الداري: على حبّ الله، وقال الحسين بن الفضل: على حبّ إطعام الطعام. { مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً } وهو الحربي يؤخذ قهراً أو المسلم يحبس بحق. قال قتادة: بعد أمر الله بالأسراء أن يحسن إليهم، وأنّ أسراءهم يومئذ لأهل الشرك فأخوك المسلم أحقّ أن تطعمه، وقال مجاهد وسعيد بن جبير وعطا: هو المسجون من أهل القبلة. أخبرني الحسن قال: حدّثنا موسى بن محمد بن علي بن عبد الله قال: حدّثنا عبد الله بن محمد بن ناجية قال: حدّثنا عباد بن أحمد العرزمي قال: حدّثنا عمي عن أبيه عن عمرو بن قيس عن عطية عن أبي سعيد الخدري عن النبي(عليه السلام) " { وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً } قال: " فقيراً " { وَيَتِيماً } قال: " لا أب له " { وَأَسِيراً } قال: " المملوك والمسجون " ، وقال أبو حمزة الثمالي: الأسير المرأة، ودليل هذا التأويل قول النبي (عليه السلام): " استوصوا بالنساء خيراً فإنّهن عندكم عوان ". { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُوراً } فيه وجهان: أحدهما أن يكون جمع الشكر كالفلوس بجمع الفلس، والكفور بجمع الكفر، والآخران يكون بمعنى المصدر كالفعول والدخول والخروج. قال مجاهد وسعيد بن جبير: أمّا أنهم ما تكلموا به، ولكن علمه الله من قلوبهم فأثنى عليهم ليرغب في ذلك راغب. { إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً } في يوم { عَبُوساً } تعبس فيه الوجوه من شدّته وكثرة مكارهة فنسب العبوس إلى اليوم كما يقال: يوم صائم وليل نائم، وقال ابن عباس: يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران، وقيل: وصف اليوم بالعبوس لما فيه من الشدّة والهول كالرجل الكالح البائس. { قَمْطَرِيراً } روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: العبوس: الضيق، والقمطرير: الطويل. الكلبي: العبوس: الذي لا انبساط فيه والقمطرير: الشديد. وقال قتادة ومجاهد ومقاتل: القمطرير: الذي يقلّص الوجوه ويقبض الحياة وما بين الأعين من شدته. قال الأخفش: القمطرير أشدّ ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء يقال: يوم قمطرير وقماطر إذا كان شديداً لكربها. قال الشاعر: