الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَلَّوِ ٱسْتَقَامُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً } * { لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً } * { وَأَنَّ ٱلْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً } * { وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ ٱللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } * { قُلْ إِنَّمَآ أَدْعُواْ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً } * { قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ رَشَداً } * { قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } * { إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } * { حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً } * { قُلْ إِنْ أَدْرِيۤ أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّيۤ أَمَداً } * { عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً } * { إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } * { لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً }

{ وَأَلَّوِ ٱسْتَقَامُواْ } قراءة العامة لو: بكسر الواو. وقرأ الأعمش: لو استقاموا بضم الواو.

{ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ } اختلف المفسرون في تأويلها، فقال قوم: معناها وأن لو استقاموا على طريقة الحقّ والإيمان والهدى وكانوا مؤمنين مطيعين. { لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً } ، قال عمر ح في هذه الآية: أينما كان الماء كان المال، وأينما كان المال كانت الفتنة، يعني أعطيناهم مالا كثيراً وعيشاً رغيداً ووسعنا عليهم في الرزق وبسطنا لهم في الدنيا { لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } لنختبرهم كيف شكرهم فيما خوّلوا وهذا قول سعيد بن المسيب وعطاء بن رياح والضحاك وقتادة وعبيد بن عمير وعطية ومقاتل والحسن، قال: كان والله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين لله مطيعين فتحت عليهم كنوز كسرى وقيصر، ففتنوا بها فوثبوا بإمامهم فقتلوه يعني عثمان بن عفان.

ودليل هذا التأويل قوله سبحانه وتعالى:وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم } [المائدة: 66] وقوله سبحانه:وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ آمَنُواْ وَٱتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } [الأعراف: 96] وقوله تعالى:مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } [النحل: 97] وقوله تعالى:فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً } [نوح: 10-11] الآيات.

وقال آخرون: معناها وأن لو استقاموا على طريقة الكفر والضلالة وكانوا كفّاراً كلهم لأعطيناهم مالا كثيراً ولوسّعنا عليهم لنفتنهم فيه عقوبة لهم واستدراجاً، حتّى يفتنوا فيعذبهم. وهذا قول الربيع بن أنس وزيد بن أسلم والكلبي والثمالي ويمان بن رباب وابن كيسان وابن مجلد، ودليل هذا التأويل قوله سبحانه:فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } [الأنعام: 44].

وقوله سبحانه وتعالى:وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ } [الزخرف: 33]. وقوله سبحانه:وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ } [الشورى: 27].

وقوله سبحانه وتعالى:كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } [العلق: 6-7].

{ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ } قرأ أهل الكوفة ويعقوب وأيوب بالياء وهو اختيار أبي حاتم وأبي عبيد. وقرأ مسلم بن جندب: نُسلكه بضم النون وكسر اللام. وقرأ الآخرون بفتح النون وضم اللام وهما لغتان سلك واسلك بمعنى واحد أي يدخله.

{ عَذَاباً صَعَداً } قال ابن عباس: شاقاً. السدي: مشقة. قتادة: لا راحة فيه. مقاتل: لا فرج فيه. الحسن: لا يزداد إلاّ شدّة.

ابن زيد: متعباً. والأصل فيه أن الصعود يشقّ على الإنسان، ومنه قول عمر: ما تصعدني شيء ما تصعد في خطبة النكاح، أي ما شقّ عليّ. وقال عكرمة: هو جبل في النار. وقال الكلبي: يكلّف الوليد بن المغيرة أن يصعد في النار جبلا من صخرة ملساء حتّى يبلغ أعلاها يجذب من أمامه بالسلاسل، ويضرب بمقامع الحديد حتّى يبلغ أعلاها ولا يبلغه في أربعين سنة، فإذا بلغ أعلاها أجر إلى أسفلها، ثمّ يكلف أيضاً صعودها فذلك دأبه أبداً، وهو قوله:

السابقالتالي
2 3 4