الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ } * { وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ } * { وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتِي تُؤْوِيهِ } * { وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ } * { كَلاَّ إِنَّهَا لَظَىٰ } * { نَزَّاعَةً لِّلشَّوَىٰ } * { تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّىٰ } * { وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ } * { إِنَّ ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً } * { إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً } * { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً } * { إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ } * { وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ } * { لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } * { وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } * { وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ } * { إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } * { إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } * { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } * { وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ } * { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ }

{ يُبَصَّرُونَهُمْ } يرونهم وليس في القيامة مخلوق إلاّ وهو نصب عن صاحبه من الجن والإنس فيبصر الرجل أباه وأخاه وقرابته وعشيرته ولا يسأله، ويبصر الرجل حميمه فلا يكلمه لاشتغالهم بأنفسهم.

قال ابن عباس: يتعارفون مدة ساعة من النهار ثمّ لا يتعارفون بعد ذلك، وقال السدي: يبصرونهم يعرفونهم، أمّا المؤمن فلبياض وجهه، وأما الكافر فلسواد وجهه.

{ يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ } يتمنّى المشرك { لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ } زوجته { وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ } عشيرته التي فصل منهم، أبو عبيدة: فخذه، ثعلب: آبائه الأدنين. غيره: أقربائه الأقربين { ٱلَّتِي تُؤْوِيهِ } مجاهد قبيلته { وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ } ذلك الفداء من عذاب الله سبحانه { كَلاَّ } ليس كذلك لا يُنجيه من عذاب الله شيء.

ثمّ ابتدأ فقال: { إِنَّهَا لَظَىٰ } وقيل: معناه حقّا إنّها لظى، فيكون متّصلا ولظى اسم من أسماء جهنّم، ولذلك لم يجر، وقيل: هي الدركة الثانية سمّيت بذلك لأنّها تتلظى، قال الله تعالى:فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ } [الليل: 14].

{ نَزَّاعَةً } قراءة العامة بالرفع على نعت اللظى، وروى حفص عن عاصم بالنصب على الحال والقطع { لِّلشَّوَىٰ } قال الكلبي: لأمر الرأس بأكل الدماغ، ثمّ يعود الدماغ كما كان، ثمّ يعود لأكله فذلك دائها، وهي رواية أبي ظبيان عن ابن عباس، عطيّة عنه: يعني الجلود والهام، سعيد بن جبير عنه: للعصب والعقب، مجاهد: لجلود الرأس، ودليل هذا التأويل قول كثير عزّة:
لأصبحت هدتك الحوادث هذه   لها فشواة الرأس باد قتيرها
إبراهيم بن مهاجر: اللحم دون العظم، الهام يحرق كل شيء منه ويبقى فؤاده نصيحاً، أبو صالح: للحم الساق، ثابت البناني: لمكارم وجهه، قتادة: لمكارم خلقه وأطرافه، أبو العالية: لمحاسن وجهه، يمان: خلاّعة للأطراف، مرة: للأعضاء، ابن زيد: لأذاب العظام، الضحّاك: تبري اللحم والجلد عن العظم حتّى لا تترك منه شيئاً، الكسائي: للمفاصل، ابن جرير: الشوى جمع شواة وهي من جوارح الإنسان ما لم يكن مقتلا يقال: رمى فاشوى إذا لم يصب مقتلا، وقال بعض الأئمة: هي القوائم والجلود، قال امرؤ القيس:
سليم الشظى عبل الشوى شنج النسا   
وقال الأعشى:
قالت قتيلة ماله قد جلّلت شيباً شواته   
{ تَدْعُواْ } إلى نفسها { مَنْ أَدْبَرَ } عن الإيمان { وَتَوَلَّىٰ } عن الحق فتقول إليّ إليّ.

قال ابن عباس: تدعوا الكافرين والمنافقين بأسمائهم بلسان فصيح، ثمّ تلتقطهم كما تلتقط الطير الحب، وقال تغلب: تدعوا أي تهلك يقول العرف: دعاك الله أي أهلكك الله، وقال الخليل: إنه ليس كالدعاء تعالوا ولكن دعوتها إياهم تمكّنها من تعذيبهم وفعلها بهم ما تفعل.

{ وَجَمَعَ } المال { فَأَوْعَىٰ } أمسك ولم يود حقّ الله منه.

أخبرني وقيل: إنّ أبا الفرج أخبرهم عن ابن جرير قال: حدّثنا محمد بن منصور قال: حدّثنا أبو فطن قال: حدّثنا المسعودي عن الحكم قال: كان عبد الله بن حكيم لا يربط كيسه ويقول: سمعت الله سبحانه وتعالى يقول: { وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ }.

السابقالتالي
2