{ يَابَنِيۤ ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ } أي خلقنا لكم، وقيل: نزّلنا أسبابه وآلاته لأنه [المثبّت] بما يقول. وقيل: [على الحكم] كبقيّة صنعته وذلك أن قريشاً كانوا يطوفون بالبيت عراة وقوله { لِبَاساً } وهو ما يُلبس من الثياب { يُوَارِي } يستر { سَوْءَاتِكُمْ } عوراتكم واحدها سوءة، وهي فعلة من السوء سمّيت سوأة لأنّه يسوء صاحبها إنكشافها من جسده { وَرِيشاً } يعني مالاً في قول ابن عباس والضحاك والسدي، فقال: الريش: الرجل إذا [تموك] وقال ابن زيد: الريش الجمال. وقيل: هو اللباس. وحكي أبو عمرو أنّ العرب تقول: أعطاني فلان ريشة أي كسوة وجهازة. وقرأ عثمان بن عفان والحسن وأبو عبد الرحمن وأبو رجاء وقتادة: ورياشاً بالألف وهو جمع ريش مثل ذئب وذياب وبير وبيار وقَدِحَ وقداح. قال قطرب: الريش والرياش واحد، كقولك دبغ ودباغ ولبس ولباس وحل وحلال وحرم وحرام، ويجوز أن يكون مصدراً من قول القائل: راشه إليه بريشه رياشاً. والرياش في كلام العرب الأثاث وما ظهر من المتاع والثياب و الفراش وغيرها. وقال ابن عباس: الرياش اللباس والعيش والنعيم. وقال الأخفش: الرياش الخصبة والمعايش. { وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ } قرأ أهل المدينة والشام. والكسائي ولباس التقوى بالنصب عطفاً على الريش. وقرأ الباقون بالرفع على الابتداء وخبره (خير). وجعلوا ذلك صلة في الكلام، وكذلك قرأ ابن مسعود وأُبي بن كعب: ولباس التقوى خير. واختلفوا في لباس التقوى ماهو [هل] يدلّ على لباس التقوى [الدرع] والساعدان. والساقان. والآلات التي يتّقى بها في الحرب مع العدو. وقال قتادة والسدي وابن جريج: لباس التقوى هو الإيمان. وقال معبد الجهني: هو الحياة. وأنشدني أبو القاسم [السدوسي] قال: أنشدني أبو عرابة الدوسي في معناه
إني كأني أرى من لا حيالة
ولا أمانة وسط الناس عُرياناً.
عطيّة عن ابن عباس: هو العمل الصالح وروى الذبال بن عمرو عن ابن عباس قال: هو السمت الحسن في الوجه. وقال الحسن: رأيت عثمان بن عفان (رضي الله عنه) على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه قميص قوهي محلول الزر وسمعته يأمر بقتل الكلاب وينهى عن اللعب بالحمام، ثمّ قال: أيها الناس اتقوا الله في هذه السرائر، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " والذي نفس محمد بيده ماعمل أحدٌ قط سراً إلاّ ألبسه الله رداءه علانية إن خيراً فخير وإن شراً فشر " ثمّ تلا هذه الآية { وَرِيشاً وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ } قال: السمت الحسن. وقال عروة بن الزبير: لباس التقوى خشية الله، ابن زيد: ستر للعورة يتقي الله فيواري عورته { ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } قال وهب بن منبه: الإيمان عريان لباسه التقوى وزينته الحياء وفاله [الفقه] وجماله العفّة، وثمره العمل الصالح.