الرئيسية - التفاسير


* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِيِّ ٱلأُمِّيِّ ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } * { وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ }

{ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ } الآية قال نوف البكالي الحميري: لما اختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقات ربه قال الله تعالى لموسى أجعل لكم في الأرض مسجداً وطهوراً تصلّون حيث أدركتكم الصلاة إلاّ عند مرحاض أو حمام أو قبر وأجعل السكينة في قلوبكم وأجعلكم تقرأون التوراة عن ظهور قلوبكم، يقرأها الرجل منكم والمرأة والحر والعبد والصغير والكبير.

فقال ذلك موسى لقومه فقالوا: لا نريد أن نصلي في الكنائس ولا نستطيع حمل السكينة في قلوبنا، ونريد أن تكون كما كانت في التابوت، ولا نستطيع أن نقرأ التوراة عن ظهور قلوبنا، ولا نريد أن نقرأها إلاّ نظراً، فقال الله { فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } إلى قوله { ٱلْمُفْلِحُونَ } فجعلها الله لهذه الأمة، فقال موسى: رب اجعلني نبيهم، فقال: نبيهم منهم، قال: رب اجعلني منهم، قال: إنك لن تدركهم، فقال موسى: يارب أتيتك بوفد بني إسرائيل فجعلت وفادتنا لغيرنا فأنزل الله تعالى { وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ } أنفسهم { بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } فرضي موسى، قال نوف: إلا تحمدون ربّاً حفظ غيّكم وأجزل لكم سهمكم وجعل وفادة بني إسرائيل لكم.

واختلف العلماء في معنى الأُمّي.

فقال ابن عباس: هو منكم كان أميّاً لا يكتب ولا يقرأ ولا يحاسب قال الله تعالىوَمَا كُنتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ } [العنكبوت: 48] وقال صلى الله عليه وسلم: " إنا أُمة أُميّة لا نكتب ولا نحاسب ".

وقيل: هو منسوب إلى أُمّته كأن أصله أُمتي فسقطت التاء من النسبة كما سقطت من اليكي والمدى.

وقيل: منسوب إلى أُم القرى وهي مكّة أُم القرى { ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ } أي صفته ونبوّته ونعته وأمره { مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ } قال عطاء بن يسار: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله في التوراة فقال: أجل والله إنه لموصوف في التوراة كصفته في القرآن.يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } [الأحزاب: 45] وحرزاً للأُميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب بالاسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح ولن أقبضه حتّى يقيم الملّة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلاّ الله فيفتح به قلوباً غلفاً وآذناً صُماً وأعيناً عمياً.

قال عطاء: ثمّ لقي كعباً فسأله عن ذلك فما اختلفا حرفاً إلاّ أن كعباً قال: بلغته قلوباً غلوفياً وآذاناً صموياً وأعيناً عموميّاً.

وروى كعب في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مولده مكة وهجرته بطيبة وملكه بالشام وأمته الحمادون يحمدون الله على كل حال وفي كل منزلة، يُوَضِئون أطرافهم و [ويتورّون] إلى [الجهاد] وفيهم وعاة الشمس ويصلون الصلاة حيث أدركتهم ولو على ظهر الكناسة، صفهم في القول مثل صفهم في الصلاة ثمّ قرأ

السابقالتالي
2 3